‘لويا جيرغا’ هو اسم المجلس الأعلى للعشائر في أفغانستان. برلمان منتخَب بصورة تلقائية، بلا دوائر ولا قوائم ولا جمع ولا طرح ولا شكوك ولا احتجاجات؛ فالعشائر ـ وهي منظمات اجتماعية سياسية قائمة على العلاقات القرابية والتحالفات الجهوية ـ موجودة كمعطى قَبْلي، وهي تفرز قادتها بصورة ذاتية، وفقا لتقاليدها الخاصة المضبوطة. ولكل عشيرة أو تحالف عشائري ممثل واحد، فلا تجور عشيرة على أخرى، ولا تنتزع عشيرة سوى مقعدها في المجلس.
البرلمان الأردني هو لويا جيرغا، غير أنه يتكون بوسائل العملية الانتخابية الحديثة التي تتناقض مع جوهره، ويتشكل جراء ضغوط ومداخلات ومصادفات وأموال ونفوذ الخ، مما لا يمكن أن تشهده الانتخابات الداخلية للعشائر. وبالنتيجة، فإن ما نحصل عليه في بلدنا العشائري، ليس برلمانا وإنما لويا جيرغا مشوّهة؛ ففي التقرير الإحصائي الذكي للزميل وائل الجرايشة في ‘ عمون’، أن 19 رابطة قرابية ـ جهوية، تهيمن على برلماننا ال17: الأشقاء وأولاد العم وأولاد أولاد العم… ومن فضل الله أن نظام القوائم الوطنية قد منح تلك العشائر والعائلات، فرصة إضافية لزيادة عدد ممثليها.
عندما يكون التمثيل في أغلبيته الساحقة قائما على أسس عشائرية وعائلية، فهذا يعني أن البرلمان لا يمثل الاتجاهات السياسية ولا العشائر، أي أنه ليس برلمانا ولا لويا جيرغا. وهذا هو جوهر الاستعصاء الديموقراطي الذي تواجهه البلاد.
لقد أصبح واضحا أن مشكلات لها طابع فني قد شابت بعض عمليات الفرز والجمع، هنا وهناك، كذلك، فإن طريقة احتساب المقاعد على نظام القائمة الوطنية لا تتمتع بالحد الأدنى من العدالة، حيث تنال قائمة مقعدا بأقل من 15000 صوت ولا تنال قائمة أخرى سوى مقعد واحد عن أكثر من 45000 صوت. وهو ما أدى إلى ظهور مشاعر الغبن والتشكيك والاعتراض الخ
على أن تجاوز جميع تلك المشاكل، لن يغير في القراءة الاجتماعية السياسية للعملية الانتخابية التي تنتج، في ظل أي نظام انتخابي كان، لويا جيرغا مشوّهة.
طيّب! لماذا لا نتصالح مع واقعنا الاجتماعي السياسي، ونذهب، مباشرة، إلى لويا جيرغا حسب الأصول؛ أعني مجلسا يمثل الروابط القرابية والجهوية، على أن يُترَك لكل منها الحق في انتخاب ممثلها في مجلس وطني يسمي برلمانا مصغرا يمثل المحافظات والكوتات، وفقا للتوزيع الحالي.
يمكن تحديث هذه اللويا جيرغا بالاعتراف بالأحزاب والتيارات السياسية والنقابات والجمعيات، كعشائر؛ فالمعيار واحد، وهو تقديم كشف موثق بعشرة آلاف قريب أو مناصر.. أو شيء كهذا.
النظام الانتخابي الحديث الوحيد الذي يقترب من اقتراحنا هذا للتصالح مع واقعنا الاجتماعي السياسي، ويراعي الخصوصية الأردنية، هو نظام الدائرة الجغرافية الفردية، على أن يكون هناك كوتات إضافية للأحزاب والمهنيين والعمّال والمزارعين ورجال الأعمال والمثقفين والنساء.
الأنظمة الانتخابية الأخرى سوف تفشل جميعا ودائما؛ لا نظام الصوتين ولا نظام القوائم على المستوى الوطني أو مستوى المحافظة؛ ذلك أن جميع هذه الأنظمة سوف تؤدي إلى لويا جيرغا منقوصة ومشوّهة. وما يلزمنا هو لويا جيرغا حقيقية ومعترف بها، وتشكل، تاليا، قاعدة صلبة للسياسة.
عن العرب اليوم