للرد على الارهاب الاسرائيلي

ناهض حتّر
سأكرر -اولاً- خبراً قرأتموه بالأمس:

قامت زوارق ودبابات اسرائيلية، الجمعة، بقصف متعمد مركّز لتجمعات من العائلات كانت تتنزه على شاطئ غزة. بحصيلة المذبحة، استشهد سبعة متنزهين، بينهم ثلاثة اطفال وامرأتان، واصيب العشرات بجروح خطيرة. ومعظم الجرحى من النساء والاطفال.

انتهى الخبر. وهو – على كل حال – ليس جديداً او مفاجئاً. ولكنه انموذجي من حيث ان القصف الاسرائيلي استهدف مدنيين عزلاً، في حالة غير ملتبسة اطلاقاً بوجود مسلحين او اية مظاهر لها طابع سياسي من قريب او بعيد. بل ان هؤلاء المتنزهين ليسوا حتّى من ناخبي «حماس».

ينطبق على هذه المذبحة، إذن، تعريف الارهاب باعتباره عنفاً متعمداً ضد المدنيين العزل بهدف القتل والايذاء والترويع لتحقيق اغراض سياسية. الحكومة الاسرائيلية هي، بالتالي، حكومة ارهابية، وحكومة ارهابيين. وهؤلاء الارهابيون يمثلون ما يشبه الاجماع من يمين الوسط «أولمرت» إلى اليسار «عامير» بل الى الاخير- رئيس حزب العمل- هو «وزير الدفاع» في الحكومة الارهابيّة».

الحكومة الاسرائيلية تمارس الارهاب المنظم في الاراضي الفلسطينية. ومع ذلك، فان اعلى مستويات الادانة- عندما تكون هناك ادانة أصلاً- لا تصل الى وصف الاجرام الاسرائيلي بانه ارهاب. وهو ما يؤدي الى تقويض الجهود المبذولة لاقناع المجتمعات العربية، بفكرة وشرعية الحرب على الارهاب. فحين لا تشمل هذه الحرب. الارهاب الاسرائيلي، يظهر انها حرب على العرب والمسلمين وازدواجية المعايير- التي بدأت امريكية وغربيةً ثم تبناها النظام العربي أيضاً – تقود الحركة الشعبية نحو التطرف الذي يكنس، في طريقه، كل الحملات الاعلامية والثقافية من اجل التعايش والسلام .. الخ

اسرائيل الارهابية لا تعاقب الفلسطينيين، فقط، لانهم انتخبوا «حماس» بل لمجرد انهم فلسطينيون. ان الجرائم الارهابية الاسرائيلية تهدف الى التطهير العرقي، الى تدمير المجتمع الفلسطيني، ودفع ابنائه الى الهجرة. وهذا ما يفعله الاسرائيليون منذ ال¯ 1948 من دون توقف، في حين ان الاتفاقات والمعاهدات وعلاقات التعاون الايجابي وعروض السلام الجماعيّة، لا تردع الارهاب الاسرائيلي، بل تمنحه الغطاء السياسي للقيام بالمزيد في اطار خطة لم تتغير أهدافها ووسائلها أبداً.

على هذا تبدو مطالبة «حماس» بتغيير نهجها السياسي، جزءاً مكملاً للضغوط الامريكية والغربيّة، وسياقاً ملائماً لقيام اسرائيل بمواصلة اعمالها الإرهابية.

وكفلسطيني فإنني سأفكر أنه إذا كانت اسرائيل ستواصل، في كل الأحوال، قتل المدنيين الفلسطينيين وتدمير المجتمع الفلسطيني، فلماذا «التهدئة»؟ بل إنني أجد أن ما أعلنته كتائب عز الدين القسام «حماس» بعيد مذبحة غزة الأخيرة من ان اسرائيل استقوت بالتهدئة، منطقياً. من يقنع الفلسطيني الآن بأن حماية المدنيين الفلسطينيين غير ممكنة الا بضرب المدنيين الإسرائيليين؟

المشكلة التي يواجهها النظام الفلسطيني- والعربي- هي ان الاستسلام أمام النازية الاسرائيلية، ومسايرتها، والتودد إليها، كل ذلك لا يقود الى وقف الارهاب الاسرائيلي، بوصفة ذراعا لخطة التهجير والاستيلاء على كل الاراضي الفلسطينية، ونقل القضية الفلسطينية، ديمغرافياً وسياسياً، الى شرقي النهر.

كلما قدمت للنازي تنازلات سوف يطمح بالمزيد، ويتأكد تصميمه على تنفيذ خططه التوسعية. ألم تقدم أوروبا في الثلاثينات، كل اشكال التنازلات للنازية الهتلرية؟ ماذا كانت النتيجة سوى اقدام هتلر على المزيد من الحروب التوسعية والجرائم الارهابية، ما اغرق اوروبا في النهاية في أتون حرب عالمية شرسة، دمرت الأخضر واليابس، وحصدت عشرات الملايين من البشر؟

مذبحة غزة لحظة مفصلية أسقطت – موضوعياً- مضمون الخلافات الفلسطينية- الفلسطينية، واعطت لحكومة «حماس» ونهجها، المزيد من الشرعية والقوة، ولم يعد امام الرئيس الفلسطيني محمود عباس- وفتح سوى التفاهم مع الحماسيين وسواهم من الفصائل الفلسطينية، لبناء جبهة وطنية موحدة ضد الإرهاب الاسرائيلي.

Posted in Uncategorized.