ناهض حتّر
اظهر استطلاع الرأي لمركز الدراسات الاستراتيجية في الاردنية، ان حكومة د. معروف البخيت، لا تزال، بعد سنة من تشكيلها، مقبولة شعبيا الى حد معقول.
ويستطيع المراقب، بالفعل، ان يلحظ هذا القبول واقعيا فحكومة البخيت لم تتعرض لحملات او هجمات، وحافظت المعارضة والصحافة على علاقات ودية معها، واكتفت بمعارضة سياسات محددة رُبطت بالوزراء المعنيين، وتجنبت مناوأة الرئيس او عهده.
ويعود ذلك، في رأيي، الى ان الرئيس نفسه، ليس هجوميا. وقد تجنب، بدوره، الاصطدام مع القوى الاجتماعية والسياسية -ما امكنه ذلك- وميّز نفسه -من دون ضجيج- عن سياسات الصدام، مشكلا ما يمكن تسميته «بجناح الحمائم» في النظام السياسي مقابل «جناح الصقور» الديناميكي، في السياستين الداخلية والخارجية، والجناح الاخير، كما هو معروف، لا يحظى بالقبول الشعبي. وقد كسب د. البخيت من ذلك تأييدا ضمنيا من قبل النخب المعارضة.
لم يظهر د. البخيت الديناميكية المطلوبة في تنفيذ البرامج الليبرالية الجديدة. وطالما انه لا يستطيع وقفها، فان الحذر والبطء يحسبان له من وجهة النظر الاجتماعية والوطنية، مثلما يحسب له – بصورة خاصة- تحفظه على «مشروع قانون ضريبة الدخل»، المعادي للفئات الوسطى، وكذلك انحيازه الى تأجيل خصخصة قطاع الخدمات الطبية الحكومي -ربما الى ما بعد حكومته!.
لقد قلت دائما ان التباطؤ هو افضل الخيارات في الاردن، طالما ان المشروع المسيطر هو المشروع الليبرالي الجديد، وطالما انه لم تتبلور بعد، قوة اجتماعية شعبية قادرة على كبح ذلك المشروع.
اننا نعرف -مثل كل الاردنيين- الشروط المعقدة التي يعمل فيها د. البخيت. وهذا هو مصدر التسامح الايجابي معه.
لكن ذلك، وحده، لن يصنع من الرجل، علامة في تاريخ رؤساء الوزارات الاردنيين، غير ان الوقت لم يدركه بعد من اجل انجازات تبقى. وعلى الرئيس ان يدرك اهمية القبول الذي يتمتع به، ويقدم على توظيف هذه القوة السياسية النسبية في اتجاه تحقيق اختراق جدي في اصدار قانون جديد للانتخابات العامة، يلحظ مشاركة الشخصيات والقوى السياسية والمثقفين في العملية البرلمانية.
الاختراق الآخر المطلوب من د. البخيت هو في المجال الاجتماعي في ثلاث قضايا رئيسية هي (1) انجاز قانون جديد لضريبة الدخل يقوم على اساس الاولوية المطلقة لمصالح المجتمع، ويمكن الدولة من استعادة دورها الاجتماعي في اعادة توزيع وتدوير الثروة، وتمكين الفقراء والفئات الوسطى من مواجهة الاعباء المعيشية والمشاركة في العملية الاقتصادية. وعماد ذلك الانطلاق من المبدأ الدستوري في الضريبة التصاعدية التي نلحظ، بصورة جدية، حصة الخزينة من ارباح الرأسماليين، وليس من رواتب واجور الطبقة الوسطى (2) انجاز اعادة هيكلة المؤسسات والهيئات الخاصة بالمعونات، وتوحيدها في مظلة واحدة تقوم على مبادىء التنمية المستدامة وحق المواطنة، وليس على اساس عمل الخير والاحسان وتجذير «مهنية الفقر» وتحطيم الكرامة الانسانية مقابل رغيف الخبز (3) اعادة الاعتبار للقطاع الصحي الحكومي من خلال برنامج شامل، مالي ومهني واداري. وهذا البرنامج لا يحتاج الى دراسات وهيئات استشارية.. الخ فخطوطه الرئيسية، معدة، على افضل ما يمكن، لدى «تجمع الاطباء الشيوعيين» ومثلما اعلم فان «التجمع» متطوع لتقديم افكاره ودراساته في تصوّر متكامل على طاولة الرئيس.