ناهض حتّر
التفهم المتسامح الذي ابداه المجتمع الاردني ازاء قرار حكومة عدنان بدران زيادة اسعار المشتقات النفطية، اغراها باتباع الطريق السهل نفسه، والتحضير لزيادة جديدة يقع عبؤها، بالطبع، على المواطنين.
والاجراء الاحتياطي الوحيد الذي اتخذه رئىس الوزراء – العائد من زيارة المنطقة الخضراء في بغداد! .. هو ابلاغ حلفائه السياسيين «الاخوان المسلمين» بالامر، والحصول على رضاهم!
كنت احسب ان الحكومة الاردنية، تتصرف مثل الحكومات المسؤولة، بحيث تبني احتياطاً نفطياً كافياً للحفاظ على الاسعار المحلية للمشتقات النفطية، لمدة سنة على الاقل. ولكنها لم تفعل .. واختارت ان تتفاعل مع مستوى الاسعار اولاً بأول. وهذا يعني، ببساطة، التعويم بقرارات حكومية.
لا نستطيع ان نحسب الاضرار التي ستلحقها الارتفاعات المستعرة في اسعار الوقود بالاقتصاد والمجتمع الاردنيين. ذلك انها لا تنحصر بالمعطيات الرئىسية مثل ارتفاع تكاليف الانتاج والخدمات والنقل والمواصلات والتدفئة والاحتياجات المنزلية، بل تتعداها الى فقدان السيطرة على نسب التضخم، المرئىة واللامرئية، وتعميق ظواهر الفقر والتهميش والجوع، وتردي الاحوال الصحية في اوساط الفئات الشعبية، وارتفاع فاتورة الطبابة على المستوى الوطني. بالاضافة الى ما يؤدي اليه كل ذلك من انهيارات اجتماعية وثقافية وتربوية واخلاقية الخ.
نحن، اذن، امام تحد استراتيجي، يحتاج الى معالجة استراتيجية. وليس الى قرارات سهلة غير مسؤولة ودعمها باسترضاء الاخوان المسلمين! علماً بأن هؤلاء لم يساهموا في اي تحرك اجتماعي شعبي اطلاقاً، ونشاطاتهم محصورة في تقديم الدعم السياسي والاعلامي ل¯ «حماس»!.
المطلوب الآن، حزمة من الاجراءات الاستراتيجية من ابرزها:
1 – الاسراع في بناء احتياطي نفطي يمكن الحكومة من الحفاظ على سقف سعري للمشتقات النفطية لمدة سنة «متجددة» على الاقل.
2 – تغيير هيكل النقل في البلاد من الاعتماد على السيارات والشاحنات الى القطارات والترامواي.
3 – المبادرة الى مشاريع استخدام الطاقة البديلة – بكل اشكالها – بما في ذلك الطاقة النووية.
4 – مساعدة المؤسسات الصناعية والخدمية على تطبيق برامج استخدام الطاقة البديلة، والتوفير في الطاقة.
5 – فرض رسوم تصاعدية مجزية على السيارات التي تزيد محركاتها عن 1500 سي سي وتخصيص الحصيلة لدعم زيت الكاز وهو الوقود الاساسي لتدفئة الفقراء.
6 – فرض الضرائب التصاعدية على الدخل. لتمكين الخزينة من اعادة تدوير الثروة على المستوى الاجتماعي الوطني، للحيلولة دون انهيار الفئات الوسطى وتدمير حياة وصحة الفقراء.
وفي كل الاحوال، لا مناص من شن حملة سياسية دبلوماسية مثابرة للحصول على منح نفطية من الجيران «اقله لبناء الاحتياطي النفطي لمدة سنة» وعلى الجيران النفطيين ان يدركوا ان لهم مصلحة سياسية مباشرة بالحفاظ على استقرار الاردن.