‘كم نيبالي لديك? سألني زميل عربي مازحا, لكنني جُرحت في كرامتي واعتزازي الوطني, ولم ينفع الاعتذار في تلطيف اكتئابي. ومع ذلك بدا موقفي بلا معنى.
سأحاول ألاّ أغادر الأردن بعد اليوم, أو على الأقل أن أتجنب الأوساط السياسية والإعلامية. صورة الأردن عزيزة علي. وهي ليست اليوم, للأسف, في وضع يمكن الدفاع عنه.
خارج الحدود تبدو قضية الاتجار بالبشر المرفوعة على شركة أردنية أمام محكمة أمريكية, شديدة السواد, إذ أنها قضية مركبة من عناصر مسيئة على كل الصعد:
1- فهي تؤكد قطعا ضلوع رجال اعمال أردنيين بالتعاون مع الاحتلال الأمريكي في العراق, 2- وهي تتهم شركة أردنية بالاتجار بالبشر 3- وهي تهمة تتضمن, بالضرورة, ضلوع متنفذين في عملية لا يمكن أن تتم من دون نفوذ وحماية.
لا نعرف, مسبقا, بماذا سيحكم القضاء الأمريكي في قضية النيباليين. لكن من المؤكد أن هذه القضية سوف تمكث في المحكمة فترة ليست قصيرة, وسوف تكون فيها مفاجآت وتطورات مصحوبة دائما بتغطيات إعلامية تضر بسمعة الأردن, وتلحق بمصالحه أضرارا لا يمكن حصرها. فالقضية, بحد ذاتها, هي أسوأ دعاية عن البلد بالنسبة للمنظمات الدولية و الإنسانية والتنموية وحتى المكاتب السياحية في الغرب.
ويكفي أن يراجع المرء الموقف كله, بأبعاده المختلفة, لكي يقدّر أن حجم الأضرار التي قد تلحق بالبلد جراء هذه القضية لا يمكن حصرها. وهو ما يستوجب الجرأة في معالجتها من دون تأخير.
أولا, على الشركة الأردنية المتهمة أن تتوقف عن الصمت, وتوضح للرأي العام, الأردني والعربي والعالمي, طبيعة عملها وملابسات القضية المنظورة,
ثانيا, وعلى الجهات الأردنية المعنية أن تجمد نشاط الشركة المتهمة حتى انتهاء المحاكمة, على أن تفتح ملف تحقيق مواز في تلك القضية, أقله من أجل التأكيد على أن الأردن منزعج ايضا من الاتجار بالبشر, وأن القانون الأردني لا يتغاضى عن هذه الممارسات اللاإنسانية,
ثالثا, وعلى التحقيق المحلي أن يظهر ما إذا كان أحد من المسؤولين الأردنيين شريكا, بأي شكل, في الشركة المتهمة, وهل هناك من استغل منصبه لدعم حصول هذه الشركة على عقود في العراق?
خامسا, الخلط بين البزنس وبين السياسة والإدارة ممنوع منعا صريحا في القانون الأردني. وربما أزف الوقت لتطبيق القانون. فعلى جميع مَن هم في مواقع المسؤولية, الاختيار بين الخدمة العامة وبين البزنس, لا فرق في ذلك بين ممارسته مباشرة أو عبر العائلة أو الشركاء.
العرب اليوم .