ناهض حتّر
“المنتدى العالمي لتطوير الإعلام” صيغة غامضة، فيها خلط متعمد للأوراق: الرأسمالية المتوحشة تتحدث عن «الصحافة المجتمعية»، والاستبداد الاستعماري والملطخ بدماء الشعوب يدعو الى «الحرية الاعلامية» والفساد المنظم المؤسسي يشجع على «محاربة الفساد»!
قد يكون هناك من بين المشاركين في «المنتدى» من يصدِّق نفسه، ولكنه يظل أداة -واعية او غير واعية- في سباق تحدده الحرب الامبريالية الأمريكية للظفر «بالعقول والقلوب» انها حرب أخطر من حروب الجيوش لأنها تستهدف احتلال الإرادة، وكسر رؤى المقاومة،وتقديم الأوطان على طبق من فضة للامبراطورية الأمريكية – الإسرائيلية.
«الصحافة المجتمعية»، تساوي، في المفهوم الامبريالي، الصحافة التي تعّبر عن النزعات الأقلوية المحلية الأتنية الطائفية النسوية، ولا تعني أبداً، أولوية المصالح الاجتماعية على البزنس ومصالح الشركات. اما «الحرية الاعلامية» فهي تتوافق بالضبط، مع العدمية القومية المتحررة من القيم الوطنية والانسانية وقداسة العدالة الاجتماعية والتقاليد الثقافية للشعوب، وطالما أن كل ذلك يحتاج إلى إفساد الاعلاميين والمثقفين، فإن الحديث عن «محاربة الفساد» هو مجرد دخان للتعمية، الا إذا كان المقصود قطع لإمدادات عن «الإرهاب».
وما يجعلني أتوجس ريبة، بصورة خاصة، هو اقتراح رئيس شبكة «انترنيوز» الأمريكية، دافيد هو مان، على الأردن أن يأخذ «مبادرة القيادة في الاصلاحات الإعلامية في المنطقة»!
كيف؟ ونحن لا نملك سوى تلفزيون واذاعة غير مسموعة وصحافة مكتوبة، معظمها غير مهني؟! ما هو مشروع هو مان، إذن؟ أهو يسخر منا؟ أم انه يضمر لنا دوراً خاصاً في نشاط شبكته؟ وما هو هذا «الدور»؟ وهل هي شارة البداية لعملية تمويل شراء الضمائر لحساب الأمريكيين مباشرة على المستويين الأردني والاقليمي؟!
هل انتهى عهد الأعطيات الحكومية التقليدية، لحساب الإفساد الأمريكي المنظم؟ أهذه هي النقلة المتوخاة في تطوير الاعلام الأردني؟!
الإعلام الاردني الراهن فيه تخلف ومحلي ومقيد، فيه تملق ونفاق ومحاباة واسترضاء وتبرير. فهل سيتم تطويره بحيث يصبح مستقلاً وشجاعاً وموضوعياً ومهنياً؟ عندها سوف يتحول الى منبر يفضح السياسات الأمريكية في الأردن وفي المنطقة.
ومن البدهي ان هو مان لا يريد ذلك. الارجح انه يريد اعلاماً يمارس الدعاية المثابرة للاستعمار الأمريكي ومن المؤسف ان كثيرين يتلهفون للقيام بدور «الكمبرادور الاعلامي» وبرعاية حكومّية.