انتدب رئيس الوزراء، فايز الطراونة، وزيره للعمل، عاطف عضيبات، للدفاع عن التعيينات المريبة في ‘الضمان الاجتماعي’ التي وصفها بأنها ‘ طبيعية’. وهي ليست كذلك، أولا، لأن حكومة الطراونة مؤقتة، وهي تعيش شهرها الأخير، ولا يُعتَبر إجراء تغييرات وظيفية أساسية في صندوق مدخرات الأردنيين، أولوية بالنسبة إليها، وثانيا، لأن المدير العام المُقال كان على وشك الانتهاء من التوافقات بشأن مشروع القانون الدائم للضمان الاجتماعي. وكان ‘الطبيعي’ حقا هو إبقاؤه في منصبه لحين استكمال مهمته، وثالثا، لأن مدير الاستثمار المُطاح به ينتمي إلى المدرسة الوطنية المحافظة في مجال الاستثمار، في حين تم تعيين مدير استثمار جديد هو هنري عزام المعروف بانتمائه إلى المدرسة النيوليبرالية ومجتمع البزنس. وهو ما يجعل التغيير الذي حدث ذا طابع سياسي وليس وظيفياً. الطريف أن عزام يؤكد على استقلالية القرار الاستثماري في ‘ الضمان’! وهي استقلالية ستكون، بوجوده على رأس ذلك القرار، مصيبة! ونحن لا نعترض على شخصه، وإنما على مدرسته وتجربته وعقليته ‘ الاستثمارية’.
يقول عضيبات :’ إن القرار الاستثماري لأموال الضمان قرار مستقل للصندوق والمؤسسة ، ويمر عبر مراحل ومن خلال اللجان المختصة ومجلسي إدارة الصندوق والمؤسسة.’
طبعا. هذا صحيح . ولذلك، بالضبط، تم تعيين عزام الذي يعرف ـ ويريد ـ المطلوب الحكومي من دون تدخل سافر ولا ضغوط.
ناديا الروابدة نفت أن تكون الحكومة قد طلبت تعديلات على مشروع قانون الضمان الاجتماعي ( تراعي مطالب صندوق النقد الدولي المعادية للعمال). ولكن هل تسنى للحكومة بعد أن تفعل ذلك. وعلى كل حال، فالروابدة تعرف جيدا جدا أن الإطاحة بالدكتور معن النسور جاءت على هذه الخلفية بالذات، كذلك، يعرف الجميع أن الروابدة كانت، بالأساس، مع صيغة القانون المؤقت والتي أعدها رجل البنك الدولي، عمر الرزاز، بل تباهت بأنها هي ـ لا الرزاز ـ مَن أعدّ تلك الصيغة. وهو ما يعفي الحكومة، إذاً، من ممارسة أي ضغوط في الاتجاه الذي تريد.
لا أخاطب، هنا، العضيبات ، ولا رئيسه، بل أخاطب موقع القرار السياسي : إن وجود الروابدة ـ عزام على رأس مؤسسة الضمان الاجتماعي، يثير المزيد من القلق المشروع لدى الأردنيين حول سلامة ادخاراتهم ومصيرها. وهو عامل جديد للحنق والتشكيك بمجمل العملية السياسية، ويشطب آخر ما بقي من مقومات الثقة العامة.
في المفاصل السياسية الكبرى، هناك ، دائما، قرار خاطئ أو سوء تقدير، يحوّل الدفّة كلها. وتقتضي مصلحة النظام والدولة والبلد، في هذه اللحظة بالذات، التراجع عن تعيينات الضمان بلا إبطاء، وإقفال الباب نهائياً أمام العبث باستثماراته وأمواله.
العرب اليوم