حطمت قمة الدوحة، مؤسسةَ القمة العربية، أولا بتكريسها غياب وتغييب العرب الكبار عن أي دور فاعل، وهيمنة إمارة واحدة على النقاشات والقرارات؛ لقد تحولت ‘ القمة’ إلى مؤسسة قَطَرية، وثانيا، بخرقها الميثاق العربي والقانون الدولي بمنح حركة معارضة مقعد دولة ذات سيادة، والأسوأ أن القمة منحت ذلك التفويض غير القانوني لتيار واحد من تيارات المعارضة السورية، متجاهلةً نظاما قائما يحتفظ بجيشه وأجهزته وإداراته، ويحظى بتأييد ما يزيد على 60 بالمائة من السوريين، ومتناسيةً أطراف المعارضة المدنية الديموقراطية التي تحظى، بدورها، بتأييد واسع داخل سورية، لتفرض على الشعب السوري، وضد إرادة أغلبيته، ائتلافا يضم الإخوان المسلمين وشخصيات موالية للغرب ومسلحين وإرهابيين، بوصفه ‘ الممثل الشرعي والوحيد’ لسورية، وثالثا، بتشريعها المنافي لأبسط الأسس القانونية والأخلاقية، دعم وتسليح التمرد المسلح والأعمال الإرهابية ضد بلد عربي، بمقابل تأكيدها على استراتيجية السلام مع إسرائيل.
بذلك، يغدو حديث ‘ القمة’ عن حل سياسي للأزمة السورية بلا معنى؛ فالقرار القَطري المفروض على العرب هو قرار الحرب، وإطالة أمدها، واستدراج التدخل العسكري الغربي، ورعاية الإرهاب وتمكين الأقلية التكفيرية الإرهابية من إقامة دكتاتورية رجعية موالية لواشنطن وأنقرة وتل أبيب، وبالنتيجة تقسيم الديار السورية.
وسط هذا الجنون، ظهرت أصوات معترضة: تحفظات العراق والجزائر، والخطاب الأردني الذي ألحّ على ‘ مخاطر الحرب في سورية’ وخصوصا على حل تفاوضي ‘ يشمل جميع الأطراف’. لكن ماذا تفعل الاعتراضات العقلانية الخجولة في نظام عربي فقد العراق وسورية، وفقد عموده، مصر التي تفككت في ظل حكم مليشيات الإخوان المسلمين الذين حوّلوا مساجد الله إلى مراكز تعذيب للمعارضة! حسنا، هذه ليست مجرد تهمة، وإنما واقعة نقلها الكاتب المصري علاء الإسواني عن المناضل كمال خليل، وأنقلها لكم لكي تعرفوا ما الذي تعده الديموقراطية القَطرية للشعب السوري والشعوب العربية، ديموقراطية الإخوان:
‘ خلال الاشتباكات التي جرت يوم الجمعة الماضي بين المتظاهرين و الإخوان المسلمين، في منطقة المقطم.. قبض «الاخوان» على المناضل اليساري كمال خليل، وحبسوه في المسجد، حيث رأى بنفسه عدداً من المتظاهرين وقد تم تجريدهم من ملابسهم وجلدهم ببشاعة داخل المسجد حتى غاب معظمهم عن الوعي. كان «الاخوان» يستعملون كرباجاً كبيراً في ضرب ضحاياهم وقد سأل الأستاذ كمال صاحب الكرباج فقال له:
ـ ده كرباج سوداني، أنا ناقعه في الزيت من فترة طويلة.. الضربة الواحدة منه تقطع الجلد.
من حظ كمال خليل أنه تعرف الى أحد جيرانه بين الاخوان فتوسط ومنع تعذيبه، لكنه نشر شهادته عن سلخانة «الاخوان» على موقع (البداية)، ثم تواترت شهادات الضحايا في الصحف لتؤكد تعذيبهم ببشاعة، أما المتظاهر أمير عياد فقد اكتشف الاخوان أنه قبطي، فضاعفوا جرعة التعذيب، حتى شارف على الموت، وكانوا ينادونه بالكلب المسيحي. لقد ارتكب الاخوان في المقطم نفس الجرائم البشعة التي ارتكبوها من قبل أمام قصر (الاتحادية) وفي معسكرات الأمن المركزي.’
انتهى الاقتباس، ويبقى لي أن أقول إن إخوان مصر ليسوا سوى ملائكة بالمقارنة مع إخوان سورية و’ نصرتها’!
العرب اليوم