ناهض حتّر
أعلن احد البنوك التجارية الأردنية عن خدمة جديدة هي: قرض السولار! بموجب هذه الخدمة، تستطيع أن تحصل على قرض سهل وسريع لتمويل تعبئة خزان السولار في منزلك!!
الخدمة ذكية بالطبع. ومطلوبة في هذا الموسم البارد، حيث تعجز آلاف الأسر من الفئات الوسطى عن توفير التمويل اللازم لشراء سولار التدفئة – ولكنها ما تزال تصر على شرائه – والتمسك، حتى الرمق الأخير، بعادة التدفئة المركزية.
تأمل هذه الاسر- على طريقة البورجوازية الصغيرة- في تجاوز هذه الأزمة – على نحو ما- خلال السنة المقبلة، وهي مستعدة للاقتراض للقفز فوق الأشهر الصعبة، ساعية «للاحتفاظ بموقعها الطبقي الى آخر يوم ممكن!
هذه الأسر – المكافحة ضد الهبوط الاجتماعي- سوف تجد في «قرض السولار»، خبراً ساراً وفرصة ذهبية لتأجيل مواجهة الحقيقة.
بالمقابل، فان الآلاف من الأسر، الأكثر واقعية، لن تستفيد من قرض السولار، لأنها تحولت عن التدفئة المركزية الى التدفئة الجزئية بمدفأة الغاز أو الكهرباء. هذه، ايضاً، تضغط على ميزانيات الأسر بشدة، لكن ميزتها الاساسيّة هي، القدرة على ضبط الانفاق، والحصول على الحد الأدنى من الدفء!
بالنسبة للفقراء، فقد تركوا البدائل الحديثة وراء ظهورهم.
وحيثما يكون هنالك شجر .. فسوف تجد الحطّابين!
على طريق عمان – اربد الرئيسي، في عزّ النهار، كان رجل يحتطب شجرة على الجزيرة المرورية .. علناً .. فماذا يحدث، اذن، بما بقي من غابات؟!
***
المشكلة أن الهاربين من فاتورة السولار، يقعون في فاتورة الغاز والكهرباء، وسوف يزداد جيش الحطابين في السنة المقبلة أو تطرح البنوك قرض أنبوبة الغاز.. وقرض فاتورة الكهرباء وحين يفشل كل ذلك، فما رأيكم بقرض لشراء بلطة؟
الفاتورة المضاعفة التي دفعها الاردن – في هذا الموسم الشتائي- هي فاتورة علاجات الرشح والانفلونزا وأمراض البرد. وإذا لم نتوصل الى التأمين الصحي الشامل- في وقت قريب جدا- فلا بد ان يكون هنالك قرض للانفلونزا!!
الفقراء لهم اللّه
أما الفئات الوسطى، فهي ترزح تحت وطأة أعباء تكسر الظهور، فهذه الفئات التي نشأت وترعرعت في السبعينات، وتواصلت وتزايدت في الثمانينات، وصلت الآن- بعد سلسلة من التراجعات خلال عقد ونصف، الى حائط مسدود..
عليها – الآن- أن تتخلى عن عاداتها.. وتعود الى صفوف الفقراء، وهي تنظر، بحسرة، الى الذين اغتنوا وصعدوا من أبنائها..
«قرض السولار»! محاولة اخيرة للبقاء قيد البورجوازية الصغيرة، ذكية وموجعة.. وتراجيدية! فهذه هي السنة الاخيرة قبل الهبوط الحتمي.
عاشت الليبرالية الجديدة!