ناهض حتّر
الساعة 11 من شمس الأحد 3 كانون الاول ،2006 لحظة تاريخية للمشرق كله: المسيحية العربية تقتحم المشهد السياسي «الشرق – أوسطي» من خندق مقاومة المشروع الامريكي. انها لحظة انطلاق الكتلة الغائبة – المغيّبة عن الفعل الجماعي في مسيرة الأمة، تولد في العروبة الجديدة الديمقراطية.
أجراس كنيسة مارجرجس في قلب بيروت – المعارضة، تدقّ فترتجّ الارض تحت أقدام قَتَلة السيد المسيح – راجع التصريحات الاسرائيلية القلقة من تطور الاحداث في لبنان!.
الأجراس تدقّ، ويبدأ قدّاس المجيء الثاني للمسيح العربي، في هيأة التيار الوطني الحر، والمارونية الوطنية – الديمقراطية، العائدة الى تراثها النهضوي الأصيل للقرن الـ 19 ومطلع الـ ،20 الى جبران خليل جبران، نبيّ لبنان الكادح المنوِّر، بعد سنوات سود من الانحراف الكتائبي – القوَّاتِ، وسنوات من الضياع واليأس والتهميش.
في حركة التاريخ، يحدث ان يتحول تكتيك عملياتي الى اتجاه استراتيجي. فلا أحسب ان الجنرال ميشيل عون ورفاقه المسيحيين في المعارضة اللبنانية، قد فكروا بالقدَّاس الجماهيري الاحتجاجي كمنعطف سسيو ثقافي بعيد المدى.
كل ما ارادوه هو التأكيد على الطابع الوطني للصراع، باظهار كثافة الحضور المسيحي في الفعاليات الشعبية لاسقاط حكومة السنيورة – فلا تبدو وكأنها صراع مذهبي شيعي سني-
ولكن… نداء الروح يستعلي على السياسة اليومية، ويطلق في الفضاء الاجتماعي – السياسي، سحباً وجدانيةً مكتظة المعاني، لا يستطيع المنظمون ان يعرفوا أين ستمطر، ومتى سيكون ربيعها.
الفكرة تتحول، بالجماهير، قوة ماديّة .. والتراتيل التي شقت عنان السماء، لها، هذا الاحد، عنفوان التكبير.
ليس جديداً، أبداً، حضور المثقفين المسيحيين في حركة النضال العربي. فهؤلاء – وانطلاقاً من لبنان ايضاً – لعبوا ادواراً بارزة منذ 150 عاماً في إحياء لغة الضاد وتجديد الوعي القومي، وتحديث الأدب والفكر، واطلاق المشاريع والاحزاب القومية واليسارية والثقافة التقدمية، بل واعادة اكتشاف التراث العربي – الاسلامي.
لكن الجديد الذي وُلد في احد المعارضة في بيروت، هو حركة الكتلة الجماهيرية المسيحية، من «خط اليمين الجماهيري»- مثلما كان الحال في سبعينات وثمانينات القرن الماضي – الى خط العروبة الديمقراطية المناهضة للهيمنة الامريكية.
وهذا الخط .. سوف يضيء في المشرق كلّه.
* * *
هي تفاعلات عديدة معقدة أدت الى هذه الولادة .. ولكن، علينا، للانصاف، ان نرى في الصورة «ديغول لبنان»، الجنرال ميشيل عون.