في مواجهة الارهاب

ناهض حتّر
أشعرتني جريمة المدرج الروماني البشعة، بالاشمئزاز والخجل. فالجريمة – بحد ذاتها وقبل أي تحليل أو تعليل – هي تعبير مباشر عن الانحطاط الثقافي والعماء الأخلاقي والتخليط بين الغضب والعجز والعنصرية. وعلينا ان نعترف ان هذه الأمراض تعشش في سراديب عديدة في مجتمعنا، واستئصالها ليس ممكناً بالاجراءات الأمنية والاعلامية، وانما في سياق ثورة ثقافية.

من حُسن الحظ ان الذين تصدوا للجاني، وأوقعوا به، هم أيضاً مواطنون غامروا بحيواتهم، تعبيراً عن حسّ اخلاقي عميق والتزام وطني عفوي ونزعة مضادة للجريمة والعنصرية. لا يعني ذلك، بالنسبة لي، أن سراديب العفن ليست موجودة أو محصورة، بل يعني ان الثورة الثقافية ممكنة ولها انصار في مجتمعنا.

ولعل أكبر المعنيين بالثورة الثقافية ضد العنف الارهابي والعنصرية، هم أنصار الخط السياسي المناوىء للاحتلال الامريكي والاسرائيلي. صحيح ان هذا الخط محاصر، ويفتقر الى الموارد والمنابر، لكن، مع ذلك، فان المهمة الثقافية التنويرية والانسانية، تقع على عاتق هذا الخط بالذات، باتجاه ما يلي:

«1» القطع الفكري والسياسي، نهائياً، مع كل اشكال العنف الموجه ضد المدنيين، بغض النظر عن الجنسية والدين، وبغض النظر عن كل تبرير سياسي.

«2» النضال المثابر ضد كل اشكال التحريض الطائفي والديني والعنصري، والتأكيد على انسانية خط المقاومة، والتزاماته الاخلاقية الصارمة.

«3» التأكيد على ان الفوضى الأمنية هي العدوّ الأول للديمقراطية وللحركات الوطنية وثقافة المقاومة.

«4» التحريم الاخلاقي والفكري والديني والسياسي لاستخدام العنف إلا في مواجهة القوات المسلحة للاحتلال، تحريم قتل أو ايذاء المدنيين، كائناً من كانوا، واين كانوا.

هل ينطبق ذلك على المدنيين اليهود في فلسطين؟ نعم. بالتأكيد، وبالضرورة لوضع خط نهائي يفصل المقاومة عن الارهاب.

المقاومة تردّ على العنصرية بالانسانية، وعلى الارهاب الاستعماري ضد المدنيين بمواجهة المحتلين، وعلى الفوضى الأمنية بالانضباط الوطني، وتحريم العنف المسلح خارج المناطق المحتلة.. وضد العسكريين.

والقيم الانسانية والنضالية والاسلامية تتجسد، فعلاً، في المقاومة اللبنانية التي ضربت أرقى مثال ممكن على حركة متحررة من كل تأثير ارهابي او عنصري او استخدام العنف داخلياً وينبغي ان تكون.. مثالاً يقتدى في فلسطين والعراق. كما ان الصوت الداعي الى تحريم العنف المسلح داخلياً، وضد المدنيين، ونبذ الطائفية والعنصرية، ينبغي ان يكون مسموعاً.

* * *

هذه الأفكار مجرد عناوين لملتقى نقترح عقده عاجلاً، بمشاركة كل القوى والأحزاب السياسية ومن المأمول ان تصدر عن هذا الملتقى، وثيقة فكرية – سياسية ترسم الحدّ بين ثقافة المقاومة… وانحطاط الارهاب. على ان تكون هذه الوثيقة أداة ودليلاً للعمل في حركة تثقيف جماهيرية واسعة.

Posted in Uncategorized.