“في حدود الادب”!

ناهض حتّر
فهمنا، عند تشكيل حكومة عدنان بدران، اننا حظينا، أخيرا، بوزير داخلية «ليبرالي». ربما اننا لا نعرف عوني يرفاس، ولا نُلم بتوجهاته وآرائه، فقد آثرنا الصمت على الوزير سيما وانه قدم نفسه – على الضد من سلفه سمير الحباشنة – رجلاً «في حاله».

تقرب يرفاس مع رئيسه – من خصوم وزير الداخلية السابق من الاخوان المسلمين ومجالس النقابات المهنية ودعاة «الحقوق المنقوصة». ولم نحسب عليه – بل على الحكومة – هذه الخطوة السياسية الصريحة في مواجهة المعارضة الوطنية، النيابية والشعبية. ولذلك، صمتنا ايضا، امام «اللغز».

لكن الوزير لم يتحصن بالصمت – وهو من ذهب- وآثر ان يدلو بدلوه، و يكشف عن مكنونات نفسه وفكره السياسي في مقابلة مع صحيفة اسبوعية، كشفت لنا، من دون جهد، وبضربة واحدة، مواقفه السياسية.

يقول يرفاس – بصراحة ووضوح نحسده عليهما – ان المعارضة النيابية «أضاعت وقت الحكومة»! و«عطّلتها» عن القيام بمهامها في تضبيط البلد وتحديثه. وهكذا نعلم ان اللعبة الديمقراطية النيابية – وهي اساس النظام السياسي الاردني – ليست، عند الوزير، سوى مضيعة للوقت والجهد، وعبث لا طائل من ورائه!!

يرفاس موظف تقليدي لم ير في السياسة يوماً الا شيطاناً رجيماً او لعبا من دون مبرر او نتيجة. وهو لا يفهم لماذا يصر اشخاص عاقلون على ممارسة هذه اللعبة! ومع ذلك، فيرفاس ليبرالي جداً الى درجة انه مستعد للسماح بالحريات .. ولكن «في حدود الادب»! اي والله انه قالها وكررها! ونحن نعذره. فهو ربما يرى في قراءة النصوص الدستورية، مضيعة للوقت ايضاً، فلم يتوصل الى ان الدستور الاردني ينص على الحريات «في حدود القانون» وليس «في حدود الادب»! انها على كل حال، اضافة ابداعية الى الفكر السياسي العالمي وسرها انها لا تأتي من قاموس السياسة، بل من القاموس التربوي للعائلات المحافظة. يقول الوالد الصارم والمتسامح، لابنائه: «انتم احرار في حدود الادب»! فالعلاقة الاسرية يحكمها الادب طبعاً. اما العلاقة المواطنية، فيحكمها القانون .. وليس ما يراه اي كان «ادباً »او «قلة أدب»!

يبقى السؤال: لماذا يصر رئيس هذه الحكومة واعضاؤها على اجراء المقابلات؟.

Posted in Uncategorized.