فليبقَ .. حتى الانتخابات النيابية!

ناهض حتّر
لديَّ قائمة بالاعتراضات على حكومة د. معروف البخيت. فمن حيث المبدأ، انا أؤيد حكومة تقدّم بديلاً اجتماعياً لنهج الخصخصة، وتعيد احياء القطاع العام والثقافة الوطنية. وكنت آمل، بالنظر الى التكوين الشخصي للبخيت، ان يسعى، على الأقل، الى بناء أسس شبكة أمان اجتماعي ذات صدقية، تنهض على حقوق المواطنة والمشاركة التنموية، بدلاً من المفهوم الخيري الذي يحوّل الفقر الى مهنة.
والى ذلك، لدي ملاحظات أساسية على حكومة د. البخيت، تطال منهجّية الحكم، والبطء في اتخاذ القرار، والافتقار – أحياناً – الى الحساسية السياسيّة والدينامية. وقد كتبتُ في كل ذلك، مراراً. وأزيد بأن كل الخطوط بيني وبين رئىس الوزراء، مقطوعة. ولست منزعجاً من ذلك.
يبقى عليّ ان اُوضح أن انحيازي للولاية العامة للحكومة، هو انحياز مبدئي. ولا يعني حكومة د. البخيت وحدها.
هكذا أكون قد قدّمتُ ايجازاً أظنه كافياً للقول – بوضوح – ان رحيل حكومة د. البخيت، الآن، سوف يكون تطوراً سلبياً للغاية. فهو يعني – تحديداً – إما التراجع عن اصلاح النظام الانتخابي أو «اصلاحه» على نحو يضرّ بالمصالح الوطنية الاردنية.
لدى د. البخيت تصوّر – يمكن إغناؤه وتحسينه – لإحداث تغيير ايجابي ومضبوط في نظام الانتخابات العامة. كما ان لديه التزاماً اخلاقياً وسياسياً بالعمل لانجاز ذلك التغيير في اطار الثوابت الاردنية. وعلى الرغم من الملاحظات التي يمكن تسجيلها على أداء حكومة د. البخيت، فلدى العديد من المراقبين – وأنا منهم – نوع من الاطمئنان النسبي الى ان هذه الحكومة، سوف تدير الانتخابات النيابيّة بما تستطيع من الحيدة والمهنية.
لن يأتي الى الدوار الرابع – في غضون الأشهر القادمة – لا سليمان النابلسي ولا وصفي التل! لكن رئيس من طينة سياسية أخرى مضادة، ببرنامج ليبرالي جديد، الأمر الذي سيؤدي الى اشتباك واسع مع القوى الاجتماعية الوطنية، ويفتح الأبواب امام صراعات متعددة، في مرحلة حساسة، محلياً واقليمياً.
غير ان المطلوب من رئيس الوزراء، الآن، تحديد تصوّر عياني للنظام الانتخابي الجديد، وتأكيد التزامه بهذا الصدد. وهو ما سيمنح حكومته، بالتالي، ثقلاً سياسياً يحميها من هجمات مراكز القوى.
وإذا فعل الدكتور البخيت ذلك، فسيرى اصطفافاً سياسياً واسعاً يدعمه، في حين أن الحيرة والتردد والتباطؤ، من شأنها أن تشكل اصطفافاً مضاداً، أملاً في حكومة جديدة، يحسب كل فريق أنها ستحقق أجندته.
نحن امام لحظة سياسية لا يساعد رحيل الحكومة القائمة فيها، الحراك الديمقراطي، بل العكس. ولعله من مصلحة القوى الوطنية والديمقراطية، دعم د. البخيت والضغط عليه في آن، من أجل التوصل الى تفاهمات تعزز التطور الديمقراطي، وتعزل « المحافظين» و «الليبراليين الجدد» معاً.

Posted in Uncategorized.