حديث الاثنين ناهض حتّر
هذه الغصّةُ التي أزدردها في الصباح، وأَتَشاغلُ عنها، طوال اليوم، غارقاً في العمل والكلام والشجارات والمحبّات، ماذا أفعل بها الآن، في آخر الليل، وحيداً الا من الغصة؟!
أنا-مثلكم -رجلٌ لا ينام. وإذا نامَ لا يستغرق، وإذا استغرقَ اختنق! أشارفُ البكاءَ ولا أبكي، وأدنو من الموت ولا أموت: معلَّقاً، هكذا… عيناي جمرتان وقلبي قنبلةٌ موقوتة!
كالفهدِ انقضُّ على المسرّات والانتصارات، وأرجع كالعصفور الكسير الجريح. أقول لي: يا ناهض… هي طلقةٌ واحدةٌ في أم الرأس، وينتهي كل هذا! أقول: أينكم يا “كواتم الصوت”… إنني متطرفٌ، وعنيدٌ، ومدججٌ بالحقدِ وخطرٌ جداً، وصدري مُشرَعٌ.
يا “كواتم الصوت”… إن صدري مُشرَعٌ!
يا “كواتم الصوت”!! إننا مُذَلّون ومُهَانون أكثر مما نستطيع! كفى! هذا الفلم الأميركي-الإسرائيلي الطويل، أطوَلُ مما يجب. وقد سئمته! ولا أريد ان أراه. لا اريد ان أراه… لا أريد. وأنا -سجِّلوا علي-لا أصالح على الدمّ حتى بدمّ!
في القلبِ جرحٌ اسمه فلسطين… أُريدُ أن أبقيه دامياً!
وفي الروح مساحةٌ لفلسطينَ… لن تشغلها إلا فلسطين!
فلسطين – الفكرة؛
وفلسطين-الأرض من النهر إلى البحر؛
بدونهما ندخل في اللَّامعنى، وفي العبوديّة!
فلسطين ضرورية لي، لكي أواصلُ الاستماع إلى أغاني فيروز؛ ولكي أحب عبد الناصر فرج الله الحلو وعراراً وأمي وطفلي ولحظات الغروب في شارع ابراهيم طوقان في جبل اللويبدة.
فلسطين ضروريةٌ لي، لكي يكون الأردنُّ لي. ولكي أفكّر بالمستقبل، وأستمتع بالتبغ، وبالفجر، وبالياسمين.
كيف، بدون فلسطين، سأدخلُ غرفةَ الصف في المدرسة الابتدائية المشمسة في الذاكرة، وأُنشدُ: بلادي… بلادي!
رومانسيّة؟ لا. أبداً.
لقد قلتم لنا: «نصف فلسطين تكفي-في هذه المرحلة» فانتقلنا إلى نصف الأردن!؟
وقلتم لنا: “إنها موازين القوى…” فجرَّدتم قوانا، وذبحتم عراقنا، وقدّمتم رؤوسَنا على أطباق الفضة لسالومي! وها نحن بلا رؤوس، يتهيّأ شيلوخ لكي يسوقنا عبيداً في امبراطورية “الشرق الأوسط”-الاسم الحركي «لإسرائيل الكبرى»!
أيها الواقعيّون! كفى! سئمناكم!
وسجّلوا عليّ: أريد فلسطين، كل فلسطين…. لأنني، عندما أكفّ عن هذه الإرادة، سأخسرُ الأردن، كل الأردن! وسأخسر، تباعاً، هذا المدى الممتدّ من المحيط إلى الخليج!
فلسطين-مرة أخرى!
Posted in Uncategorized.