عودة الصدريين

ناهض حتّر
مظاهرات التيار الصدري في معقلها بالسماوة -السلمية ثم المسلحة- تأتي في “وقتها” بالضبط. فالاحتلال الامريكي-البريطاني يستعد للرحيل، بينما حكومة “البيت الشيعي” السيستاني تترنح، وتفشل امنيا واداريا. وها قد جاء الوقت لكي ينزل التيار الصدري الى الشارع، بجماهيره ومسلحيه.

الزعيم الشيعي-العربي العراقي -مقتدى الصدر لم ينسحب، اذا، من الميدان. ولكن اصبح اكثر حصافة. وهو لن يغيب، لحسن الحظ، حتى المشهد النهائي في العراق.

ظهر التيار الصدري، بعيد الاحتلال، في مظاهرات سلمية، تحولت، في ربيع ،2004 الى صدام مسلح مع الامريكيين. وكان هذا الحدث مفصليا في تطور المقاومة العراقية التي اخذت، بمشاركة الصدريين، طابعا وطنيا، وكسرت سيطرة الاحتلال الذي ما فتىء وقت يتراجع.

وقبل نهاية ال¯ ،2004 خاض التيار الصدري معركتين انتهيتا بتراجعه. معركة عسكرية مع المحتلين وحكومة علاوي ثم معركة سياسية مع «البيت الشيعي» المؤلف من قوى طائفية تابعة لطهران. وكانت هذه المعركة الاصعب، فقد انحاز قسم كبير من جماهير الشيعة- تحت تأثير التضليل الايديولوجي والتعصب الطائفي -الى مشروع الانتخابات التي خاضها الصدريون.

نقطة ضعف التيار الصدري، العسكرية، ان لحضوره جسما سياسيا وقتاليا علنيا وقد اشتبك مع المحتلين وحلفائهم، في مواجهات مواقع، وليس في حرب عصابات فدائية. لكن نقطة ضعف الصدريين السياسية، كانت هي الافدح. فالتيار غير متجانس. وهو يشارك «حزب الدعوة» و«بدر» وباقي قوى البيت الشيعي، المنافسة على الجماهير ذاتها. فهو يقاتل، اذا، على جبهتين، بعكس قوى المقاومة السرية في المناطق السنية التي تستند الى قاعدة جماهيرية مؤيدة وموحدة تقريبا.

بشّر «البيت الشيعي» برعاية السيستاني، الجماهير الشيعية-ومنها الصدرية- بانتخابات ينجم عنها زوال الاحتلال وتحسين الظروف الامنية والمعيشية والاقتصادية. وقد سقطت هذه الوعود في الوحل. لقد استمر الاحتلال والقمع والفوضى الامنية وانهيار البنى التحتية والبطالة والفقر والجوع.

خسر «البيت الشيعي» صدقيته الوطنية والسياسية، فعاد التيار الصدري الى استقطاب جماهير الفقراء من ابناء العشائر العربية الشيعية، وعادت جماهيره الى الشارع، وعاد مسلحوه الى الظهور العلني.

لقد قلنا، مرارا، انه مع استثناء التعقيد الكردي- فان مستقبل العراق العربي مرهون بالتيار الصدري وقوته وقدرته على الحركة السياسية والعسكرية، اولا لان هذا التيار عربي وعروبي، وهو، وحده، القادر على تحرير جماهير الشيعة العراقيين من هيمنة القوى الانفصالية الموالية لايران ومشروعها الخاص في العراق؛ وثانيا، لان هذا التيار يمثل قواعد اجتماعية وطنية عراقية، وليس مستوردا من الخارج، وثالثا لانه معاد للاحتلال والنفوذ الاجنبي، وخامسا لانه مستعد ويريد التحالف مع المقاومين العرب السنة، في مشروع وطني عراقي.

عودة الصدريين، بالنسبة لي، تشكل املا.

Posted in Uncategorized.