ينص عقد خصخصة ‘شركة توليد الكهرباء المركزية’ لصالح شركة ‘ دبي كابيتال’، وتاليا مع شركة أكوا السعودية، على ما يلي:أولا، تحصل الشركة المخصخصة من شركة الكهرباء الوطنية على بدل مالي منتظَم مقابل الجاهزية، أي بدل الجاهزية لتقديم الخدمة قبل تقديمها،
ثانيا، تحصل على بدل مالي مقابل التشغيل.
Body :
ينص عقد خصخصة ‘شركة توليد الكهرباء المركزية’ لصالح شركة ‘ دبي كابيتال’، وتاليا مع شركة أكوا السعودية، على ما يلي:
أولا، تحصل الشركة المخصخصة من شركة الكهرباء الوطنية على بدل مالي منتظَم مقابل الجاهزية، أي بدل الجاهزية لتقديم الخدمة قبل تقديمها،
ثانيا، تحصل على بدل مالي مقابل التشغيل.
وهذان البندان يؤمنان للشركة المخصخصة، أرباحا مضمونة بلا مغامرة من أي نوع، وبغض النظر عن أسعار المحروقات التي تشتريها تلك الشركة من المصفاة ثم تقبض كامل قيمتها من شركة الكهرباء الوطنية التي اشترطت لضبط وتقنين استهلاك المحروقات أن يتضمن العقد ما يلي:
أولا، الفحص الدوري للاستهلاك النوعي للمحروقات لكل كيلو واط عند كل نسبة تحميل للكهرباء؛ ذلك أنه من المعروف أن استهلاك المحروقات، في انتاج الكهرباء، يتناقص، نسبيا، كلما ارتفعت نسبة التحميل تلك. إلا أن هذا البند لم يطبق مطلقا منذ الخصخصة في العام 2007، وقد أهمله الشريك المدير ( دبي كابيتال) كليا، مما يعني تكليف شركة الكهرباء الوطنية كمية المحروقات عند أدنى نسبة تحميل ( حيث الاستهلاك عال جدا) في كل حالات التحميل. ويمثّل ذلك مصدرا باطنيا للربح ويحمّل الشركة الوطنية ( الحكومية) أعباء إضافية غير ضرورية تزيد كلفة انتاج الكهرباء وكلفة الدعم.
لماذا لم تلتزم ‘ دبي كابيتال’ ـ وخلفها الشركة السعودية ـ بهذا البند؟ ببساطة لتحقيق أرباح إضافية على حساب الخزينة.
ثانيا، الصيانة الدورية للمولدات. وذلك للحفاظ على جاهزيتها، وكذلك لضمان استهلاك الحد الضروري من المحروقات لإنتاج الكهرباء، حيث إنه من المعروف أن إهمال صيانة المولدات يزيد من استهلاكها للمحروقات. ولم تقم شركة الوليد المركزية تحت إدارة ‘ دبي كابيتال’ مطلقا بأية عملية صيانة للمولدات بين عاميّ 2007 و2011. لماذا؟ لأن ‘ دبي كابيتال’ ليست مستثمرا استراتيجيا جادا في القطاع. وهي كانت تضمر بيع حصصها في شركة الوليد المركزية بعدما حققت أرباحا مباشرة وغير مباشرة، علنية وضمنية. وقد زاد إهمال صيانة المولدات من استهلاكها للمحروقات ورفع، بالتالي، كلفة انتاج الكهرباء وقيمة الدعم.
يقول خبير يتحفّظ على ذكر اسمه بسبب عمله مع شركة توليد الكهرباء المركزية، إن الأهداف التي قُدمتْ لتبرير خصخصة هذه الشركة، هي الآتية:
(1) زيادة الاستطاعة التوليدية،
(2) زيادة الكفاءة،
(3) تخفيض تكلفة إنتاج الكهرباء.
ويتابع ‘ إن دبي كابيتال لم تقم، إطلاقا، بأي نشاط لتنفيذ أي من هذه الأهداف. بالعكس، فما حدث، بعد الخصخصة، هو تراجع في الاستطاعة التوليدية والكفاءة وزيادة في تكلفة انتاج الكهرباء’. ويتحدى الخبير المطلع أن تقوم ‘دبي كابيتال’ بالكشف عن الأرقام المقارنة حول الأهداف الثلاثة المار ذكرها، وذلك عن فترة معيارية بين آخر 3 أشهر قبل الخصخصة (من حزيران حتى أيلول العام 2007)وبين الفترة(من حزيران إلى أيلول العام 2009) أي بعدعام ونصف على الخصخصة.
ويفضح مدير سابق في شركة توليد الكهرباء المركزية، تلاعبا محاسبيا جرى في احتساب موجودات الشركة لدى خصخصتها، ما أدى إلى خفض قيمتها دفتريا. ومن ذلك احتساب قيمة ديون على الشركة تقابلها موجودات ثابتة، فهي ليست ديونا. وعلى سبيل المثال كانت هناك محطات توليد مشتراة بعقود التأجير المنتهي بالتمليك، مثل محطة رحاب التي لم يتم إدراجها في موجودات الشركة باعتبارها مستأجرة مع أنها مملوكة للشركة فعلا.
ويختم ‘تلاعبت إدارة ‘دبي كابيتال’ في شركة توليد الكهرباء المركزية بموضوع الوقود.صحيح ان تكلفته تشكل 90% من المصاريف الجارية لكن الشركة المخصخصة لاتدفعه، بل تدفع قيمته شركة الكهرباء الوطنية وبقاعدة ( على أمانتك ياحجة) واناخبير بهذه الحسبة. وهذه الحسبة مخالفة اصل الاتفاقية التخاصية وهذه الطريقة الحرام جنبت دبي كابيتال أية مخاطرة بالأرباح نتيجة زيادة معدل استهلاك الوقودعن الحد اللازم وفق فحوص لم تجر للاستهلاك النوعي للمحروقات . بمعنى آخر هناك عملية فساد موضوعها تضخيم حجم الوقود المستخدم في انتاج الكهرباء على الورق، والحصول على الفارق كأرباح!’
نستنتج مما تقدم ما يلي:
أولا، أن هناك شبهات تدور حول عملية خصخصة شركة توليد الطاقة المركزية، سواء لجهة تقييم موجوداتها أو لجهة تقدير ديونها أو لجهة طبيعة العقد المبرَم مع الشريك الاستراتيجي ( الذي تبين أنه مجرد مضارب) أو لجهة الالتزام به، ما يقتضي فتح ملف خصخصة هذه الشركة لدى هيئة مكافحة الفساد.
ثانيا، أن هناك شبهات تتناول تضخيم تكلفة المحروقات التي تدفعها الخزينة ، وتسجلها بصفة دعم لفاتورة الكهرباء، ما يقتضي التحقيق الجنائي في هذه الشبهات من جهة، وتضبيط الوضع في شركة توليد الكهرباء المركزية بما يضمن خفض كلفة المحروقات وانتاج الكهرباء على الخزينة.
ولعله من الواضح أنه لا حل لمشكلة كلفة انتاج الكهرباء إلا باسترداد كامل ملكية شركة الوليد المركزية. ومهما تكن كلفة هذا الاسترداد عالية، فستظل أقل من الهدر الحاصل الآن، ذلك الهدر الذي أرهق الخزينة ويُطلَب اليوم من المواطنين تحمّل أعبائه.
في الكهرباء دفعنا ـ وسندفع تكلفة الخصخصة مرتين: مرة بتخفيض قيمة موجوداتنا الوطنية، ومرة بزيادة كلفة الانتاج لضمان الأرباح المباشرة وغير المباشرة للمستثمرين.
هذا مثال آخر يؤكد نظريتنا حول الخصخصة. إنها لا تعني شيئا سوى الفساد والهدر والتدمير وانعدام الكفاءة وتحقيق الأرباح غير الشرعية .
العرب اليوم