ناهض حتّر
من المتوقع ان يبدأ، منذ الآن، حراك سياسي واسع باتجاه الانتخابات النيابية، لكنه سيظل غائماً وضبابياً، طالما أن صورة قانون الانتخابات العام، لم تتضح بعد.
صحيح أن القوى والشخصيات النيابية والسياسية المعنية، سوف تباشر، في كل الاحوال، القيام بنشاطات وترتيبات ، الا أن أي تغيير، في ذلك القانون، من شأنه تغيير الموازين بالقدر نفسه، وربما اجتذاب قوى وشخصيات جديدة الى المعركة الانتخابية، والى البرلمان.
مجلس النواب الحالي سيكون معنياً بالابقاء على قانون الانتخابات الساري – الذي سيضمن التجديد لمعظم اعضائه، والمحافظة على الاوزان السياسية داخله- وسيبلور، بالتالي، قوة ضغط محافظة، تدعمها اوساط رسمية تخشى مفاجآت التغيير.
وبما ان الاخوان المسلمين يدركون جيداً جداً، ان اي تغيير في قانون الانتخاب العام، سوف يلحظ، بالتأكيد، الحيلولة دون زيادة حصتهم من المقاعد النيابية، فانهم سيميلون، على الأرجح، الى تلافي مفاجآت التغيير ايضاً، مفضلين صفقة مناسبة على المغامرة.
غير ان اجراء الانتخابات، من دون تعديل قواعد اللعبة – لو جزئياً- سوف يعني تكريس الركود السياسي، والمزيد من تهميش دور البرلمان- المؤلف من اعضاء متصالحين مع الواقع القائم – واستمرار فوضى النزاعات الغامضة بين مراكز القوى، وهي فوضى تجرف الحياة السياسية من الداخل، وتحطم القنوات والمؤسسات الدستورية لصنع القرار، وتعمق الهوّة بين القوى الاجتماعية وبين القرار السياسي، داخلياً وخارجياً.
لقد وعد رئيس الوزراء د. معروف البخيت، باجراء حوارات حول اتجاهات تغيير قانون الانتخاب العام، لقد تأخر الوقت كثيراً على تلك «الحوارات» وهي، اذا ما تم اجراؤها الآن، فستكون بين «طرشان» ذوي مصالح مباشرة متضاربة. وهو ما سيفتح الباب امام تقويض، امكانية التغيير وانتصار الرأي المحافظ.
قانون الانتخاب الساري هو الأسوأ من بين كل الخيارات الأخرى ولذلك، فان الحيوية الاجتماعية سوف تدعم تغييره مهما يكن مستوى هذا التغيير- بشرط تحقيق الحد الادنى من الانسجام الاجتماعي الوطني وتوسيع فرص المشاركة.
على د. البخيت الآن ان يبرهن – وهذه فرصته – على حضوره كرجل دولة، من خلال الدفع الحكومي القوي باقتراح عياني لنظام انتخابي يأخذ بعين الاعتبار، الثوابت الوطنية، والمطالب الاجتماعية السياسية، والاقتراحات المتعارضة، في صيغة توافقية، لكنها ذات منطق داخلي محكم.
وفكرة اصلاح نظام الصوت الواحد، من خلال اعتماد الدائرة ذات المقعد الواحد، هي فكرة منطقية. وسيمنح اشتراط حصول الفائز على 51 بالمئة من اصوات المقترعين في دائرته، ثقلا للتمثيل النيابي، ويسمح بتسييس المعركة الانتخابية.
ولكي يكون هذا «الاصلاح» شاملاً – على الاقل في المرحلة الحالية من التطور الديمقراطي – لا بد من تقديم حلول ناجعة لثلاث قضايا هي:
(1) تحديد الدائرة الانتخابية على اسس اجتماعية وسياسية وتنموية، من دون الخضوع لمصالح المتنفذين المحليين او العشائريين.
(2) الزام الناخبين بالتسجيل في الدوائر الانتخابية التي يقيمون فيها بصورة دائمة. ذلك ان مناقلة الاصوات بين الدوائر، تفسد الارتباط السياسي بالمكان، وتسمح باستمرار سطوة المتنفذين والمتحولين والروابط غير المدنية.
(3) تمثيل ال¯ 49 بالمئة من الاصوات الذاهبة للخاسرين، من اجل ضمان التمثيل الوطني في البرلمان، وتلافي تهميش القوى والشخصيات التقدمية التي يزيد حضورها الوطني على حضورها المحلي، فلا تتمثل في مجلس النواب، ولكنها تظل قوة رئيسية في الحياة السياسية.
وهناك اقتراح واقعي على بتجيير اصوات الخاسرين المرتبطين بقوائم، اليها، اي الى تلك القوائم التي ستتقاسم، على اساس نسبي، مقاعد كوتا لا تزيد عن 20 بالمئة اضافية عن المقاعد النيابية.