طريق مغلق

ناهض حتّر
لم تنقل الصحافة الاردنية، امس، اجواء الخلافات العربية – العربية في نيويورك. ولا اعرف اذا كان ذلك نتيجة تقصير مهني ام نتيجة قرار بالحجب. لكن، في الحالتين، احسب انه من حق القارئ الاردني ان يطلع على المعلومات التي تكشف للعيان السبب الذاتي في الاخفاق العربي في تقديم معالجة ذات مستوى للقضية الفلسطينية.

وفي المعلومات ان رئىس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ادار ظهره للاجماع العربي الساعي، حسب الامين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، اما الى بيان رئاسي يصدر عن مجلس الأمن على أساس مبادرة السلام العربية، وإما الى بيان عربي جماعي يحمّل مجلس الامن والمجتمع الدولي، المسؤولية عن الفشل. وقد اتفق العرب ان تكون لهم كلمة واحدة في جلسة مجلس الامن، يقرأها وزير خارجية الامارات، على ان يصار الى الغاء الجلسة في حالة عدم الاستجابة للمطالب العربية.

عبّاس رفض كل هذه الترتيبات، والحّ ان تكون له كلمة خاصة في الجلسة، يعلن خلالها، مبادرة منفردة «لتحريك الجمود المسيطر على عملية السلام الفلسطينية – الاسرائىلية بعد «!» فوز حماس في الانتخابات» وهذايعني خرقاً للاجماع العربي في الشكل والمضمون.

ومن الواضح انه يتم استخدام عباس من قبل اطراف عربية، كرأس حربة للتركيز على المسار الفلسطيني واهمال المسارين السوري واللبناني، استجابة للضغوط الامريكية ما يعني انهيار المبادرة الجماعية العربية.

عباس الذي عقد اجتماعين «ايجابيين جدا» مع وزيرتي الخارجية الامريكية، كوندوليزا رايس، والاسرائىلية تسيبي ليفني، وعد بأن حكومة «الوحدة الوطنية» الفلسطينية، سوف تعترف باسرائيل. وكأن الاعتراف باسرائيل هو القاسم الوطني المشترك بين الفلسطينيين!

حماس، اذاً، بين خيارين: الركوع للمطالب الاسرائىلية او استمرار الحصار على حكومتها واعتقال وزرائها ونوابها، ومهاجمة كوادرها بالصواريخ، وقواعدها الانتخابية بالاجتياحات، بينما تصعّد الرئاسة الفتحاوية، «انتفاضة شعبية»! في مواجهة الحماسيين المحاصرين والعاجزين، بالتالي، عن تأمين الاموال لادارة عجلة الادارة.

من المؤسف – بالنسبة لنضال الشعب الفلسطيني المجيد – ان يتوسل الرئيس الفلسطيني الى لقاء ليفني، ويداها تقطران بدماء اللبنانيين، فليس هذا هو رد الجميل الذي ينتظره لبنان، البلد العربي الوحيد الذي منح المقاومة الفلسطينية وسلاحها ملاذاً وجبهة، طوال سنوات، وخاض حروبا متصلة مع اسرائيل على خلفيات من بينها التضامن مع الشعب الفلسطيني.

ولكن.. اذا كان عباس لا يهتم بدماء الفلسطينيين.. فلماذا يهتم بدماء اللبنانيين؟!

سيقال بأن للرئيس الفلسطيني وضعا خاصا يجعله مضطرا وشاكراً للقاء الودي مع الاسرائىليين. فهل هذا صحيح؟ وهل سيعود بأيّ نتيجة ايجابية لمصلحة القضية الفلسطينية؟ كلاّ. فلقد اصبح واضحا بأن التحالف الامريكي – الاسرائىلي لن يمنح الفلسطينيين، اكثر من كانتونات داخل السيادة الاسرائىلية على «المناطق»! وان كل التنازلات لن تمنع، بل تقود الى هذه النتيجة.

لقد اصبح واضحاً بأن المبادرة السلموية الفتحاوية، فقدت كل مبرراتها وهي تسير في طريق مغلق، لا مخرج منه الا بمقاربة جديدة تقوم على رفض الصفقات المنفردة، والحلول الجزئية، وتعتصم بالمقاومة، وتستعيد تعريب القضية الفلسطينية، وهو ما يتطلب « وحدة وطنية» يكون عنوانها النضال ضد الاحتلال الاسرائىلي، وليس المزيد من الانحناء له.

Posted in Uncategorized.