شارة الهجوم

ناهض حتّر
احدى الصحف، أبرزت، بصورة متعاطفة، تصريحات بوش الصغير الديموغوجية حول تصميمه على احراز «نصر كامل» في العراق. وقد يكون هذا من حق الصحيفة لكن الذي يتخطى حدود النزاهة المهنية، هو قيام الصحيفة بالخلط المتعمد، في مانشيتها الرئيسي، بين اشارة بوش الصغير الى وجود «فاشية اسلامية» وبين تحذيره من خطة «القاعدة» لاقامة «امبراطورية اسلامية».. بحيث جاء المانشيت كالتالي: «بوش يحذر من فاشية اسلامية تمتد من اسبانيا الى اندونيسيا».

اردت، من هذه الملاحظة، الاشارة الى ما يلي «1» ان خطبة بوش الصغير في 6/10/2005 هي جرس ايديولوجي، جرى قرعه بانغام واضحة لبدء الحرب الباردة الجديدة ضد الاسلام. فلم تعد حرب بوش الصغير ضد «الارهاب» الذي تشنه حفنة من الاشرار الذين «يتوجب قتلهم او اعتقالهم»، بل ضد عدوّ ايديولوجي واستراتيجي، يرث، صراحة، الشيوعية كعدو عالمي تاريخي للولايات المتحدة وحلفائها. وهو – العدو الاسلامي الان – يخطط لاقامة امبراطورية تشمل العالم الاسلامي كله – بما في ذلك الاندلس – بدءاً من العراق. ثانياً، الحرب ضد الشعب العراقي، إذن، ايديولوجية واستراتيجية. وهي تتطلب بناء تحالفات دولية واقليمية – خصوصاً من الانظمة العربية والمسلمة «المعتدلة» المهددة بمخططات الاسلام الجهادي، ثالثاً، ان هاتين الاشارتين قد وصلتا تواً المعنيين في بلادنا.

ولكن: لماذا حذف «الامبراطورية» والاستعاضة عنها «بالفاشية» في المانشيت؟! لان استعادة الامبراطورية الاسلامية حلم راسخ في وجدان الأمة، يدغدغ عواطف نخبها وجماهيرها معاً، في حين ان الفاشية – المرذولة – تستفز «الليبراليين» وتدعوهم للوقوف، مع بوش الصغير، صفاً واحداً للدفاع عن «الحريات» و «الحضارة»!

خطاب بوش الصغير، هو، في النهاية، هلوسة امبريالية فقدت هيمنتها الايديولوجية واندفاعتها وتفوقها النوعي، وبدأت تتعفن، غير ان هذه الهلوسة، مدججة بالسلاح والأموال المنهوبة، ولها حلفاء حول العالم، بمن فيهم حلفاء عرب ومسلمون مرضى بالماسوشيّة واحتقار الذات.

بعد سلسلة من الاكاذيب والانكسارات والفشل في العراق، لا يريد بوش الصغير، ان يعترف بالمأزق، ويغادر ارض الرافدين، بل يزمع الآن، تطوير حربه العدوانية الدموية المجنونة من حرب تكتيكية «تجريد بغداد من اسلحة الدمار الشامل» وايديولوجية – ليبرالية – «اسقاط نظام قمعي واقامة انموذج ديمقراطي عراقي للمنطقة» الى حرب استراتيجية ضد مشروع «الامبراطورية الاسلامية» التي تبدأها المقاومة العراقية.

هل انت مع حق العراقيين في مقاومة الاحتلال الامريكي؟ إذن، فأنت «فاشي» وتؤيد تحويل العراق الى مركز للقاعدة، ومشارك في مؤامرة لاسقاط الانظمة المعتدلة – التي تعيش في ظلالها – فأنت، بالتالي، لست معارضاً، ولكنك منشق ومتآمر!! ولا مكان لك، بالطبع، في «الديمقراطيات» الوليدة في الشرق الاوسط!

الفاشية وصف سياسي لا ينطبق – موضوعياً – على الاسلام الجهادي – الذي برغم عنفه – يظل تعبيراً عن شعوب متخلفة مقهورة. بالمقابل، ينطبق الوصف «فاشي» على الاستعمار الامريكي الذي يطلق، الآن، شارة الهجوم الشامل ضد كل المعترضين عليه. وقد يضطرهم الى الاتحاد تحت راية الامبراطورية الاسلامية.

Posted in Uncategorized.