ناهض حتّر
قلنا بالامس، ونعيد التأكيد ان المطروح للنقاش، ليس نوايا ودوافع المسؤولين الاردنيين وراء سياسة التحالف مع امريكا والعلاقات مع اسرائيل.. ولكن حول جدواها في تحقيق الاهداف الوطنية الاردنية.
1- فمن الواضح ان العلاقات مع اسرائيل لم تؤد الى لجم عدوانيتها او خططها التوسعية على حساب فلسطين والاردن؟
2- ومن الواضح ان الدعم للمشروع الامريكي الفاشل في العراق، لم يؤد الى كبح جماح التدهور الحاصل في بلد هو، تقليديا، الحليف الاستراتيجي للاردن، بل ادى الى تقليص النفوذ الاردني والعربي في العراق لصالح ايران.
3- ومن الواضح ان تبرير السياسة الاردنية القائمة في هذين المجالين، بالانسانيات، يهمش الدور الاردني، ويلحق الضرر بصورة الاردن العربية.
ولقد اخذت الاطروحة الرسمية الاردنية القائلة باستخدام العلاقات مع اسرائيل وامريكا، لخدمة مصالح الاردن والعرب، مداها الزمني الكافي للتحقق من فشلها.
وبالنظر الى الخلخلة الحاصلة في موازين القوى الاقليمية بعد هزيمة اسرائيل في لبنان، وسقوط المشروع الامريكي في العراق، فانه بات على الحكومة الاردنية، ان تعيد النظر في سياستها الاقليمية.
ليس، في نيتنا، بالطبع، ان نقترح على الحكومة الاردنية، الاندراج في الحلف الايراني – السوري، ولكننا نقترح عليها نبذ سياسة المحاور، وعدم الارتباط بأي منها، والكف عن القيام بالأدوار الانسانية لصالح دور سياسي يقوم على الانفتاح والتواصل مع كل القوى والعواصم العربّية – من دون تحيز او اصطفاف – وفق تصور استراتيجي يقوم على المطالبة العلنية المثابرة بانهاء جميع الاحتلالات في المنطقة، وفق جدول زمني، وبصورة متزامنة من العراق والاراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية حتى حدود 4 حزيران، واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وحل مشكلة اللاجئين.
وتتطلب مبادرة كهذه مراجعة العلاقات مع الولايات المتحدة وتجميد العلاقات مع اسرائيل، وربطها بتحقيق المطالب اعلاه بصورة شاملة ونهائية.
ومن اجل ان يكون الاردن شريكا فاعلا في عملية سياسية كهذه، فإن عليه ان ينطلق من مطالباته الخاصة كجزء من التسوية الشاملة، بما في ذلك استرداد الحقوق المائية والافراج عن الاسرى.. والاهم معالجة ملف اللاجئين والنازحين.
لقد وقعت عمان معاهدة وادي عربة العام 1994 في ظل موازين قوى غير ملائمة، تغيرت الآن بصورة معقولة لصالح الجانب العربي. ولم نعد مضطرين الى القبول بما قبلنا به سابقا من تنازلات كان القصد منها تسهيل عملية سلمية ماتت، ودرء مشروع الوطن البديل الذي ما يزال قائماً وفاعلاً.
كذلك، فإن للأردن مصالح استراتيجية في العراق، حسبت الحكومات الاردنية بأن الحفاظ عليها يتطلب مسايرة المشروع السياسي الامريكي في هذا البلد. وقد اصبح واضحا الآن ان الانسحاب الامريكي من العراق هو المنطلق الذي لا غنى عنه، للمصالحة الوطنية ودرء النفوذ الايراني واعادة بناء الدولة العراقية. وسير الاردن في هذا الخط، سوف يكفل له حضورا قويا في العراق، يضمن المصالح الاستراتيجية الاردنية.