ناهض حتّر
سورية، اذا، امام خيار استراتيجي وهي لا يمكنها ان تتجنب الحرب الان. الحرب على سورية آتية لا ريب فيها والموقف الانتظاري هو مجرد خسارة للوقت، ومنح العدو، الفرصة لاختيار التوقيت الملائم للعدوان الذي لن يكون محدودا بالتخويف او الانتقام، بل سيتواصل من اجل تغيير النظام السوري في اطار – المشروع الامريكي الهادف الى اعادة ترتيب المنطقة العربيّة.
لا نريد أن نقترح على القيادة السوريّة، بالطبع، اقتراحاً محدداً، لكن ما نقوله هو ان استمرار قفل جبهة الجولان مع اشتعال الجبهتين الفلسطينية واللبنانية، واستمرار الموقف السياسي السوري على حاله، لم يعد ممكناً، انه يضع سورية في موقع ضعيف استراتيجيا. فللحفاظ على مكانة سورية ودورها الاقليمي امامها خياران لا ثالث لهما: (1) فاما المبادرة الى الاشتباك مع الاسرائيليين بكل قواها انطلاقاً من تحريك جبهة الجولان. (2) واما ان تندرج في سياق الموقف السياسي للنظام العربي، على أساس فك عزلتها وتأمين غطاء عربي – لا سيما سعودي – لنظامها وعودتها الى طاولة المفاوضات مع الاسرائيليين بخصوص حل سلمي لمسألة الجولان.
الخيار الأول ينطوي بالطبع، على مغامرة. لكنها مغامرة تستند الى عوامل من القوة هي: (1) المبادأة في ظل لحظة ارتباك اسرائيلية في المواجهة مع حزب الله بجهوزيته العالية وقدرته على ادامة المجابهة (2) احراج ايران وجرها الى المعركة، وكسر الغطاء الدولي للعدوان الاسرائيلي الذي سوف يتشظى – في حالة سورية- الى انقسامات لا مناص منها (3) احراج النظام العربي واضطراره الى الخروج من التحالف الامريكي – الاسرائيلي (4) تصعيد المقاومة في العراق، وهو ما سيثقل على الامريكيين بصورة جدية خصوصا اذا تدخلت سورية، بقوة، ضد استمرار العملية السياسية الامريكية في العراق (5) ومن البديهي الاستنتاج هنا ان القوى الشيعية في العراق سوف تغيّر موقعها السياسي في المعادلة العراقية، حالما تنخرط سورية وايران في حرب ضد اسرائيل.
الخيار الثاني، ينطوي، هو الآخر، على مغامرة هي اضعاف الشرعية الوطنية للنظام السوري امام المعارضة الداخلية التي سوف تتعاظم، لكن هذه المغامرة تنطوي، ايضا، على عناصر قوة. (1) فقد اصبح الآن واضحا ان التهدئة في فلسطين ولبنان، منوطة بامكانية الضغوط السورية (2) ان سورية تستطيع ان تلعب دورا مؤثرا في انجاح العملية السياسية الامريكية في العراق (3) ان انضمام سورية الى التحالف الامريكي – الاسرائيلي – العربي، سوف يعزل ايران، ويسهل ضربها (4) ان سورية سوف تسترد الغطاء العربي، وتنفتح امامها امكانية طيّ ملف التحقيق الدولي بقضية الحريري، والمصالحة مع الولايات المتحدة، وفتح الباب أمام مفاوضات جديدة حول الجولان.
خارج هذين الخيارين، فان موقع سورية سوف يتآكل ويتراجع، في الحالتين، اذا انهزم حزب الله، فان هزيمته ستكون بالدرجة الاولى، هزيمة لسورية ومكانتها ودورها وشرعية نظامها السياسي، وسوف تضطر الى تلقي الضربات عزلاء او الخضوع للشروط الامريكية – الاسرائيلية بصورة حاسمة، وبالمقابل، فاذا انتصر حزب الله، فان سورية لن تكون شريكا في النصر، ولن تجلس على طاولة مفاوضات صنعها حزب الله بالدم مدعوما من ايران، اي ان مكانة سورية في التحالف المناوىء للامريكيين والاسرائيليين سوف تصبح ثانوية، فلسطينيا وعراقيا، وربما في الداخل السوري.