في الثالثة من بعد ظهر اليوم, يلتقي روّاد الحراك الشعبي الأردني في بلدة مليح بمحافظة مأدبا, للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لنداء التحرر الوطني الاجتماعي الذي انطلق من بين ضلوع عشائر الحمايدة بالذات, وبمبادرة من مجموعة عمالية, وفي مقدمتها الأخ محمد السنيد.
كانت الانطلاقة تلك محصلة لا بداية. فطوال السنوات الأربع 2007 , ,2008 ,2009 ,2010 خاضت نواة حركة التحرر الوطني الاجتماعي الأردني من عمال ومثقفين تقدميين ومعلمين ونشطاء عشائريين ومتقاعدين عسكريين, معارك متتالية ضد النهج النيوليبرالي والكمبرادور وشبكة الفساد وبيع مقدرات البلد والتجويع والتهميش والتطبيع وخطط التوطين والوطن البديل. وإذا كان هنالك مَن يريد الالتفاف على هذه الحركة ليقولبها في إطار ليبرالي محدود مضمونه الانتخابات المموّلة والمحاصصة في سياق الربيع العربي ¯ الامريكي, فإن الرد يأتي من الكركية والحمايدة والبلقاوية والصخور والسلطية وبني حسن وعروس الشمال وعشائرها, ومن ضلوع عمان, ومن كل حبة تراب في بلدنا, بالتأكيد على الخط الصاعد للوطنية الأردنية التي ترنو إلى التحرر الكامل من سياق الضياع والإفقار والفساد, نحو إعادة بناء الدولة الوطنية الأردنية القائمة على الحكم الدستوري والعدالة الاجتماعية والسياسة الدفاعية ضد العدو الصهيوني.
هذا المضمون الوطني الاجتماعي التحرري لا علاقة له بالببغائية التي تكرر شعار ‘الإصلاح’ الغامض في مضامينه وأهدافه والمصمَّم لتمكين قوى معادية للوطنية الأردنية للاستيلاء على السلطة وإخضاع البلاد للمشاريع السوداء المحبوكة بين واشنطن والدوحة وأنقرة وتل أبيب.
ولكي نحدد الفروق بين الحراك الأردني وبين ذلك الحراك ‘ الإصلاحي’, نلاحظ ما يلي:
أولا, بينما تفاهم ‘ الإصلاحيون’ مع واشنطن على احترام معاهدة وادي عربة, واستحقاقاتها, فإن الحراك الأردني يرفضها, بما فيها من تنازلات عن الحقوق الأردنية في الأرض والمياه والسيادة وخصوصا المادة 8 من تلك المعاهدة التي تنص على التوطين,ويعيد تعريف الوطنية الأردنية بكونها مواجهة مفتوحة مع التوسعية الصهيونية ومشروعها الأسود لإقامة الوطن البديل في بلدنا. ومن اللافت للانتباه هنا ذلك التحالف بين ‘ الإصلاحيين’ وبين رئيس الوزراء عون الخصاونة الذي كان عرّاب تلك المادة بالذات, والذي يسعى لتطبيقها كآلية دائمة من خلال سعيه إلى تجنيس وتوطين أكثر من مليون ممن دفعتهم إسرائيل إلى هجرة ناعمة من الضفة إلى الأردن بعد 1988 .
ثانيا, بينما يركّز ‘ الإصلاحيون’ على نظام انتخابي توطيني وانتخابات ( ممولة بالبترودولار) وإعادة توزيع السلطة بما يلائم تطبيق المرحلة الثانية من وادي عربة, يؤكد الحراك الأردني على إسقاط الطبقة الكمبرادورية والنهج النيوليبرالي والمحاكمة الشاملة المتزامنة للفاسدين و لكل أعضاء فريق تفكيك الدولة ونهب الأردن . وذلك, مقدمة لا غنى عنها لإطلاق العملية السياسية الديموقراطية. فلا معنى للديموقراطية في ظل حكم الكمبرادورية والنيوليبرالية والفساد والتوطين.
ثالثا, الحراك الأردني يناضل من أجل انتصار المشروع الديموقراطي الأردني القائم على توحيد الشعب والهوية والانخراط في إعادة بناء المؤسسات والتنمية الشعبية وإعادة توزيع الثروة والسياسة الدفاعية وتمكين كل فئات المجتمع من المشاركة في اتخاذ القرارات الخاصة بمصالحها ومصالح المجتمع والوطن, بينما يريد ‘ الإصلاحيون’ انتصار المشروع القَطري في الأردن, القائم على ديموقراطية انتخابية مجوّفة تبقي على هيمنة الكمبرادور والنيوليبرالية وتشرعن التوطين وتاليا الوطن البديل, ما يستلزم ضرب العشائر وتهميش المحافظات وتفكيك ما بقي صامدا من أجهزة الدولة لكن مع تأكيد حكم الكمبرادور والمليونيرات,
رابعا, الحراك الأردني ينطلق من الدولة الوطنية الأردنية لا من خارجها, ولا ضدها, ويهدف إلى سيادتها واستقلالها والحفاظ على هويتها وتركيبتها الوطنية ومؤسساتها وأجهزتها وتعزيز حضورها العربي والإقليمي واسترداد ثرواتها وتمكينها من تطوير قدراتها التنموية والدفاعية,
خامسا, الحراك الأردني نابع من قلب الشعب ومعاناته ومشاعره الوطنية وذاكرته التاريخية, وليس مستوردا من كواليس التفاهمات الإقليمية والدولية, صريح وواضح وليس فيه باطنية. وهو يؤكد أنه يريد إعادة بناء العلاقة الوطنية مع العرش كمكوّن من مكونات المشروع الأردني على أساس تغيير النظام وليس ‘ إصلاحه’ بما يلائم توريثه لقوى المشروع القَطري ¯ التركي ¯ الامريكي.0
العرب اليوم