سقط في حوزة الجمهور

ناهض حتّر
بعد 10 اشهر من التقاضي، اصدرت محكمة البداية (للمطبوعات) قرارا جديدا بعدم مسؤولية الزميلين طاهر العدوان (رئىسا للتحرير) وفهد الخيطان (كاتبا) عن مخالفة القانون في المقال الشهير (وزراء يمارسون البزنس علنا ويستغلون كراسيهم).

انها، اولا، مناسبة لتهنئة «العرب اليوم»، مرة اخرى، على الجرأة المسؤولة في الخبر والتعليق والسير الواثق في خط الدفاع عن مصالح الدولة والمجتمع.

وهي، ثانيا، مناسبة لتحية الزميلين اللذين تحملا مشاق التقاضي، ولم يقبلا بالادانة، رغم ان الغرامة المرتبطة بها لم تزد عن خمسة دنانير لكل منهما. لكنها، في النهاية، قضية مبدأية.. قضية الدفاع عن حرية الصحافة -وهي، ربما، آخر الحريات الباقية من نيسان 1989 -وقضية الدفاع عن «العرب اليوم» ونهجها الوطني الديمقراطي.

«السقف» الذي قررناه، في هذه الصحيفة (وهو عال الى حد كبير) يقع، اذا، في اطار القانون حرفيا. وتظل الحرية، بالتالي، قرارا يتخذه الناشر ورئيس التحرير والكاتب والصحافي، في سياق مسؤول، هدفه تنظيم اجندة الحوار الوطني في «ما سقط في حوزة الجمهور الذي له الحق في الاطلاع عليه ومناقشته وبحثه» -وفقا لقرار المحكمة-.

ما« سقط في حوزة الجمهور»، واصبح، بالتالي، عاما ومتداولا هو موضوع مباح للصحافة، الخوض فيه. ولكن الصحافة الحرة تنظم النشر على اسس مهنية موضوعية. فليس كل ما «سقط في حوزة الجمهور» له القيمة ذاتها او الصدقية ذاتها. بل فيه، احيانا، اشياء ساقطة فعلا هي التي تتداولها الصحافة الصفراء؛ وفيه ما يتم تداوله لدى اوساط خاصة -ذات مصلحة- فهو ليس عاما. وفيه ما هو عام وذو مضمون و«يمس المصلحة العامة»، وهو كثير مما لا تستطيع الصحافة، الاقتراب منه او معالجته وهذه «المناطق المحرمة» بالذات هي الثقوب السوداء في الصحف الصادرة في لندن او عمان. وبمقدار ما تكون هذه «الثقوب» اقل، تكون حرية الصحافة اكبر. فهذا هو المعيار الحقيقي.

ما يزال المتداول في «حوزة الجمهور» في بلدنا، اكبر بكثير مما تنشره الصحافة. ولذلك، ما يزال الاعلام الشفوي هو الاكثر انتشارا وفعالية. وهو اعلام خطر لانه لا يخضع للمعايير المهنية.

Posted in Uncategorized.