انتهت حكومة عون الخصاونة إلى قرار برفض ‘تحويل تعليمات قرار فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية الى قانون او تضمينها في قانون الجنسية النافذ ‘ وذلك ‘بسبب التغييرات والإجراءات المتسارعة التي يحدثها الاحتلال الإسرائيلي على واقع الأرض وتجاه السكان الأصليين’!
آه.. نعم! فهمنا .. يعني أن الحكومة حريصة على دوام الإطار القانوني الملائم لإجراءات العدو الإسرائيلي في تهجير ابناء الضفة الغربية! وطالما أن هذه الإجراءات ‘ متسارعة’, فلننتظر حتى يستكمل الإسرائيليون خططهم كاملة ثم تقوم الحكومة الأردنية بقوننة فك الارتباط أو إصدار قانون جديد للجنسية يتضمن تعليمات فك الارتباط!
آه.. نعم! تل أبيب لا تريد من حكومتنا ان تعرقل خططها! واشنطن سوف تعتبر قوننة فك الارتباط إجراء مضادا للسلام! لمَ لا تعلنونها صراحة: الحكومة الأردنية ملتزمة, بتجنيس وتوطين أبناء الضفة الذين يهاجرونها طوعا – وربما, قريبا, كرها – بسبب ‘الإجراءات على الأرض’, خصوصا زيادة رقعة المستوطنات.
حقا قد لا يكون المصدر الحكومي البالغ الذكاء قد قصد هذا المعنى. إنه يريد تبرير عدم امتثال حكومة الخصاونة للإرادة الشعبية والمصالح الوطنية في وقف التجنيس, فاخترع عذرا أقبح من ذنب, وخرجت معه هكذا فجة بلا رتوش ومؤداها: الاحتلال يهجّر أبناء الضفة الغربية. وهو مستمر بإجراءات ستسرّع التهجير. واجبنا ملاقاة هذه الإجراءات بالتجنيس والتوطين. ولذلك لا نريد قوننة تعليمات فك الارتباط مع الضفة الغربية!
في علم النفس, هناك ما يسمى ب¯ ‘الزلّة الفرويدية’. وهي تعبير غير مقصود يكشف عن فكرة أو رغبة في اللاوعي لدى الشخص المتكلم. وربما نضيف هنا.. بأنها تكشف عن التزام حكومي نحو الجهات الدولية بالتجنيس والتوطين.
قانون الجنسية الأردنية لعام ,1954 الساري المفعول, يمنح لجميع ابناء الضفة الغربية, الجنسية الأردنية, حُكما, ولجميع أبناء ‘ الجزء المغتصب من فلسطين’ إذا طلبوها, حتى لو كانوا يتمتعون بجنسية أجنبية.
هذا القانون الصادر عقب وحدة الضفتين, وتعبيرا عنها, كان ينبغي تعديله في العام ,1988 عقب انفصال الضفتين, وتعبيرا عن فك ارتباطهما, لكن, بدلا من ذلك الإجراء القانوني الطبيعي, جرى تعطيل قانون الجنسية الأردنية فيما يتصل بأبناء الضفة الغربية, بموجب تعليمات إدارية. ومذ ذاك, تم التلاعب في ملف التجنيس, وفقا لقرارات سياسية وأمنية أو حتى لقاء رشى, بحيث تم منح حوالي 94000 حالة الرقم الوطني خلافا للتعليمات وسحبها من بضعة آلاف من الذين لا ظهر لهم!
لماذا قوننة تعليمات فك الارتباط?
من أجل توحيد المعيار القانوني للمواطنة, وكفّ يد الإدارة عن التلاعب بملف الجنسيات, منحا وسحبا, ودرء مخاطر مشاريع التهجير والضغوط الأمريكية في التجنيس الخ والتحديد الواضح لمن هو المواطن وتعيين حدود الهيئة الناخبة كأساس لا غنى عنه للتحول الديمقراطي الوطني, لكل ذلك أصبح إصدار قانون جديد للجنسية يتضمن تعليمات فك الارتباط ضرورة وطنية, خصوصا وأن ‘التعليمات’ الحالية لن تصمد أمام المحكمة الدستورية المنتظرة.
حكومة الخصاونة تريد التحايل على هذه الضرورة من خلال اقتراح بتحويل ‘التعليمات’ إلى ‘نظام’. لكن النظام – وإنْ كان أعلى من التعليمات – فهو مثلها يسقط حين يتعارض مع القانون. والقانون واضح تماما: إنه يأمر بتجنيس كل أبناء الضفة الغربية. وهو ما يلائم تماما ‘الإجراءات المتسارعة للاحتلال الإسرائيلي على الأرض وضد السكان الأصليين’
العرب اليوم