جرى الإعلان في العاصمة النمساوية، فينا، الجمعة، 23 تشرين الأول 2015، عن اتفاق أردني ـ روسي، يقضي بالتنسيق بين جيشيّ البلدين، في إطار آلية تنسيقية مقرها عمان.
والأهم أن الجانبين اتفقا على مشاركة الأردن في جهود التسوية السورية التي تقودها موسكو؛ ذلك الموقع الإقليمي المهم، لم يقترحه علينا حلفاؤنا الأميركيون أو غيرهم، أولئك الذين نظروا إلى الأردن، دائما، كأداة، وليس كطرف إقليمي.
نحيي الأصدقاء الروس على اصرارهم على حفظ ودعم المكانة الإقليمية للأردن، ودوره السياسي، سواء لجهة الأزمة السورية أو لجهة القضية الفلسطينية؛ لكن علينا، من موقع المعارضة للسياسات الرسمية السابقة القائمة على التدخل السلبي في سوريا، أن نتوقف عند شجاعة القرار الأردني بالانضمام إلى الجانب الصحيح من الصراع.
وبدخول الجيش الأردني، طرفا في التنسيق العسكري مع روسيا؛ أصبح التعدي على المساعدة الروسية للجيش السوري، ووصفها ‘ بالاحتلال’ ونعتها بالأوصاف الاستعمارية الخ، مخالفا للقانون والوطنية.
وبينما يتقدم جيشنا لخوض المعركة ضد الإرهاب الذي يهدد السلام والاستقرار في كل المنطقة، ومنها الأردن، يغدو كل تحريض طائفي أو تعاطف مع الإرهابيين، بأي صورة من الصور، طعنا في المجهود الحربي…
خطوة التنسيق مع روسيا في مواجهة الإرهاب في سوريا، والبحث عن حل سياسي للأزمة في البلد الشقيق، ستؤدي إلى ردود فعل من جانب القوى التكفيرية وخلاياها الصاحية والنائمة في بلدنا؛ مما يضع على عاتق الأجهزة الأمنية، القيام بمهمة استباقية للقيام بحملة اعتقالات واسعة لكل العناصر المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق ومصر، وتفكيك الخلايا التكفيرية…
على المستوى الإعلامي، آن الأوان لتعطيل المنابر الإعلامية المساندة للإرهابيين في سوريا والعراق ومصر، ووقف الاختراقات التكفيرية في الصحافة الأردنية، وانتقال وسائل الإعلام الرسمية إلى القيام بتغطية إيجابية لكفاح الجيش السوري ضد التنظيمات الإرهابية.
إن كل هذه الإجراءات الضرورية، لا يمكن للحكومة، القيام بها، من دون الدعم السياسي الصريح من قبل الحركة الوطنية، القومية واليسارية، التي يتوجب عليها، الآن، القيام بما يمليه عليها موقعها من المبادرة إلى الهجوم على التكفيريين والطائفيين والرجعيين.
إن التضامن الوطني الشجاع مع هبة أهلنا في الضفة الغربية، لا يسوّغ أي نشاطات مخلة بالأمن أو صدامات مع القوى الأمنية أو السماح للإخوان بالمتاجرة بالقضية. والمطلوب من الحركة الوطنية الأردنية أن تكون واضحة وصريحة لجهة رفض منح الشرعية لأي نشاط غير منضبط في شعاراته وسلوكه.
نحمد الله الذي آمن هذا البلد من شر التحريض والضغوط التي كادت أن تودي بجيشنا للصدام مع أشقائه في الجيش السوري؛ نحمد الله على سلامة الجيشين، وعلى ما أثبتاه من تحلٍ بالعقيدة القتالية الوطنية والأخوة العربية، ونعقد العزم على خوض المعركة الحالية في مواجهة القوى الإرهابية والظلامية، والمعركة التاريخية ضد الصهيونية.