ناهض حتّر
.. وحزب الله، حائر بين نوعين من الضغوط.
1- ففي لبنان، هناك ضغط المجتمع والقواعد والحلفاء، نحو لبننة الحزب، وتوظيف هيبته وقوته السياسية وحضوره في دعم برنامج اصلاح وطني – ديمقراطي متعدد المستويات، من اعادة بناء الدولة وتجاوز الاقطاعيات السياسية «مثلما يطالب ميشيل عون» الى تصعيد النضال من اجل العدالة الاجتماعية والتنمية «مثلما يطالب الحزب الشيوعي» بالاضافة الى ان جماهير الائتلاف القائم بين حزب الله والتيار الوطني الحر تريد – وهي محقة – تحسين شروطها السياسية والمعيشية، وتحقيق تنمية مختلفة تفتح الافاق امام الفئات الشعبية.
2- ومن العالم العربي – وايران – وربما من حركات قومية في الداخل اللبناني، هناك ضغوط على حزب الله، لتلافي الاندراج في الصراع الاجتماعي- السياسي اللبناني او الشؤون اللبنانية.. والتفرغ للمهمة الاساسية التي نذر الحزب نفسه لها، وهي المقاومة.
* * *
والحزب حائر فعلا بين هذين الاتجاهين..
– فدعاة اللبننة هم حاضنة الحزب الاجتماعية والسياسية والجماهيرية،، وهم الذين يقدمون الدماء والتضحيات.
– ودعاة العوربة والاقلمة هم الذين يقدمون للحزب، الدعم المالي والقدرات التسليحية واللوجستيات الخ بالاضافة الى الحركات النضالية العربية التي لها ايضا تأثير معنوي على حزب الله..
* * *
.. وحيرة الحزب، بين هذين الاتجاهين.. جديدة، بل هي في رأيي نتاج اولي للحرب الاخيرة لم يكن قبلها، بهذه الحدة، فحزب الله – بالاساس ينطلق من استراتيجية ذات مضمون اقليمي. وقد عمل بلا كلل على تلافي الاندراج في الشأن اللبناني الداخلي، بل انه لطالما اخذ اقل – بكثير- من حجمه، لكيلا ينخرط في صراع داخلي، متفرغا، بصورة شبه كلية للمقاومة، متجاوزا عن المظالم، تاركا جانبا البرنامج الاجتماعي، بحيث لا يعرقله صراع داخلي عن الاستعداد الحربي والقتال..
ومنذ العام 1982 وحتى العام ،2006 ظل حزب الله يسير في هذا الاتجاه خصوصا وانه لطالما خاض معاركه مع اسرائيل من دون ان يكون اسهام اللبنانيين – القوى الاخرى والجماهير – ضروريا لنجاحه.
لكن في حرب تموز – آب، وجد الحزب نفسه وحيدا في ظروف اقليمية ودولية صعبة للغاية، بينما وقفت اغلبية اللبنانيين معه، ومنحته الدعم الاجتماعي والسياسي والمعنوي والجبهة الداخلية التي مكنت مقاتليه من تحقيق انجازات عسكرية غير مسبوقة.
حزب الله يشعر الان انه مدين للبنان – وللبنانيين بالنصر. وهو سيحتاجهم اكثر للحفاظ على سلاحه وحضوره الفاعل.
هكذا بدأ حزب الله يحار، معنى ذلك انه بدأ يتغير وفي رأيي نحو الافضل.
– لا يمكن لحزب الله ان يتجاهل المعركة السياسية الداخلية الضرورية من اجل عزل التحالف القائم بين الاقطاع السياسي والليبرالية الجديدة والرأسمالية المتوحشة تحت العلم الامريكي، فهو اذا تجاهل الحسم الداخلي – الوطني لا الطائفي – سوف يجد نفسه في النهاية في وضع داخلي صعب.
– ولا يمكن لحزب الله ان يتجاهل تطلعات جماهير المقاومة – من كل الطوائف – في احداث تغيير داخلي يكفل تطوير الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتقدم.