ديمقراطية كاملة بدوام كامل!

ناهض حتّر
مع هذه النسبة المتدنية من الشعبية، ما الذي يمكن لحكومة عدنان بدران ان تفعله اكثر من تسيير الاعمال؟

لقد جرى استخدام سلسلة من الضغوط والوعود، من اجل تمرير الحكومة في البرلمان، ثم جرى فض الدورة الاستثنائية. لتلافي الثأر النيابي من اولئك المجبرين على تغيير مواقفهم، او التصعيد لتحصيل الوعود التي ليست في نية الحكومة، او قدرتها، الوفاء بها. لكن تبقى، في النهاية، الحقيقة التي اظهرها استطلاع الرأي الذي اجراه مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الاردنية. ان اغلبية الاردنيين لا تثق بحكومة بدران، واغلبيتهم الساحقة «75 بالمئة» لا تثق بقدرة هذه الحكومة على تحسين الوضع الاقتصادي، وهي المسألة التي تشكل محور الاهتمام الاول لدى المستطلعة اراؤهم.

حكومة بدران اذن، لا تحظى بالتأييد على المستويين السياسي والشعبي، ومشكوك في قدرتها على الانجاز في كافة المجالات وهذا وضع تعيشه معظم الحكومات العربية على كلّ حال. لكن، في الاردن، حيث يوجد اطار دستوري للحياة السياسية وقدر من الحرية وتوازن حساس للقوى الاجتماعية، فانه لم يعد بالامكان تشغيل النظام السياسي بحكومة لا تستند- أقلّه- الى قوة اجتماعية راسخة.

حسناً: تستطيع اية حكومة – باية مواصفات- مثلما قلنا في البداية، «تسيير الاعمال» اليومية، ولكننا الان على مفترق طرق اجتماعي – سياسي، وسط تغييرات اقليمية محتدمة ومتسارعة، واحتمالات مفتوحة في فلسطين والعراق، سيكون لها استحقاقات عميقة في الاردن.

انعدام الثقة العامة بالحكومة، يؤثر، سلبياً، على الانتاجية والتحشيد الاجتماعي اللازم للتغيير ومجابهة الاستحقاقات الاقليمية والدولية، وهو- اي انعدام الثقة العامة – يشمل، ايضاً، ومنذ الان، «لجنة الاقاليم» ونتائج اعمالها، «ولجنة الاجندة» والاجندة.. وكل المشروع السياسي المطروح.

يقال: في مواجهة هذا التحليل، ان حكومة بدران هي بالفعل، حكومة تسيير اعمال مؤقتة، قبل ان يعزز المشروع السياسي الذي تطبخه اللجان والمراجع، صيغة حكومية فعاله. لكن ذلك يعني ان هنالك «اضاعة وقت» متعمدة، واضطراباً في الرؤية، واصراراً على خط سياسي يتسم بالاستجابة للمطالب الخارجية مع الاحتفاظ بالصيغة نصف الديمقراطية وهي صيغة مأزومة وعاجزة، مآلها تعميق انعدام الثقة العامة واضعاف التكوين الداخلي وسط العواصف.

العودة الى الماضي مستحيلة. المراوحة في المكان عبثية ولا بديل عن الانتقال الى ديمقراطية كاملة بدوام كامل!

Posted in Uncategorized.