“دولة فلسطين الكبرى”

تحت هذ العنوان، يموّل الاتحاد الأوروبي، حوارا إسرائيليا ـ فلسطينيا ـ أردنيا، ينعقد بالتناوب بين عمان وتل أبيب. ومن المفهوم، بالطبع، أن ‘ فلسطين الكبرى’ ليست، هنا، كناية عن فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر، وإنما عنوان لمشروع صيغة مشتهاة للوطن البديل تشمل غزة و56 بالمائة من الضفة الغربية ومائة بالمائة من الأردن ـ المعتَبَر، بالتالي، جزءا من فلسطين، أو للدقة: فلسطينيا.
اسمحوا لي، بهذه المناسبة، أن أضع ثوب التحليل السياسي الوقور جانبا، لأسمّي الأشياء بأسمائها: (1) الاتحاد الأوروبي صهيوني القلب منافق اللسان. وسيكون على القوى الشعبية، منذ الآن، مقاطعته كليا، (2) الأردنيون والفلسطينيون المشاركون في هكذا حوار هم مجرد خونة، ولا بد من كشفهم ومقاطعتهم اجتماعيا وسياسيا، (3) على الحكومة الأردنية أن توضّح موقفها فورا من هذا الحوار، وتصدر قرارها بإيقافه ومحاسبة المسئولين الضالعين في هذه الجريمة. فتسمية الأردن ـ بحثا أو كتابة أو لفظا ـ ب فلسطين أو وصف الأردن بأنه فلسطيني، يعنيان اقتراف جريمة الخيانة العظمى.

بالموازاة، وفقا لموقع ‘عمون’، بدأ الملياردير الفلسطيني منيب المصري ورئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي، حوارا لإحياء مشروع الكونفدرالية بين دولة فلسطينية تنشأ على الورق أولا، وعلى بعض الضفة ثانيا، وبين الأردن.

وهذا المشروع ـ كما يتصوره المصري ـ المجالي ينتمي إلى الماضي، ولا يعبّر عن أكثر من أوهام فائتة لسياسيين من عهود الماضي. لكن من المناسب أن يتدخل عقلاء لدى الشيخين لإقناعهما بغض النظر عن أوهامهما التي تثير لغطا لا طائل وراءه. فلا معنى ـ وطنيا وجديا ـ لمناقشة الكونفدرالية المعنية قبل قيام الدولة الفلسطينية على أراضيها المقررة، حسب الشرعية الدولية، بالكامل، وعاصمتها القدس، وتطبيق القرار 338 بعودة النازحين والقرار 194 بعودة اللاجئين. وحتى حين تتحقق هذه الشروط، سيكون القرار للشعبين وليس للشيخين أو سواهما!

كل ذلك غثبرة… أما الذي على النار، فهو الآتي:

ـ خطة ربيع قَطري (فوضى خلاّقة مدعومة إعلاميا وماليا) في الضفة الغربية، انطلاقا من دراما التحقيق في اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات، تنتهي بسيطرة حماس على السلطة الفلسطينية،

ـ خطة مصالحة وتفاهم وتنسيق عميق بين حماس وعمان، تمكّن الحمساويين من التعامل مع الحدث غربي النهر، والإفادة، تاليا، من التسهيلات الأردنية،

ـ خطة انسحاب إسرائيلي من طرف واحد من حوالي 56 بالمائة من الضفة الغربية، تنشئ فيها حماس إمارة إسلامية ثانية بعد غزة تحفظ الأمن الإسرائيلي في سياق هدنة مفتوحة.

لا الرئيس محمود عباس ولا السلطة الفلسطينية يمكن الدفاع عنهما في معظم الملفات، لكنهما، بالمقابل، متمسكان باتفاقيات مع إسرائيل تريد هي التخلص منها، وبمفاوضات ومرجعيات أممية لإقامة الدولة الفلسطينية. وهو مسار أصبح، بالنسبة لإسرائيل ، من الماضي. الخطة الوحيدة التي تحظى بإجماع إسرائيلي ممكن، هي خطة غزة، أي انسحاب إسرائيل من طرف واحد من مناطق التجمعات السكانية بالضفة الغربية، ورسم حدودها مع الفلسطينيين والأردنيين، من دون مفاوضات ولا اتفاقيات ولا مرجعيات ولا شرعية دولية الخ. تترك إسرائيل ما يتبقى من الأرض الممزقة ليحكم فيها الفلسطينيون، أنفسَهم. وهذه الصيغة تناسب حماس بالكامل. فهي، بدورها، لا تريد مفاوضات ولا اتفاقيات، ولكنها، كما هو الحال في غزة، مستعدة لإدارة المناطق ‘ المحررة’ من طرف واحد، وضبط أمنها بصورة صارمة، تحت شعارات ‘ المقاومة’، وفي إطار الهدنة إياها.

تتطلب إدارة الإمارة الحمساوية في الضفة، بالضرورة، تسهيلات استثنائية في المجالات السكانية والاقتصادية واللوجستية الخ من قبل الأردن. وهي تسهيلات سوف تفرض إعادة هيكلة بلدنا ودولتنا في خدمة تصفية القضية الفلسطينية.

العرب اليوم

Posted in Uncategorized.