دولة الرئيس, دعْها تمرّ بسلام !

بين ‘جمعة’ التشكيل و’جمعة’ الرئاسة, سبعة أيام هزت الرئيس عون الخصاونة, من إزدحام ردود الفعل السلبية على تصريحاته وتشكيلته الوزارية, إلى مسيرات الحراك الشعبي ضده.
في الجمعة الأولى كان مرتاحا لهتافات الإخوان المسلمين وحلفائهم, وسط عمان, لـ’المصلح’ الآتي. وكان يرى أن حلفاءه الجدد هم القوة السياسية الرئيسية في البلد, بينما الحراك الوطني الشعبي لا يتعدى العشرات. في الجمعة الثانية, أمس, رد ( العشرات) بتحشيد جماهيري كانت ذروته العددية في الكرك و ذروته السياسية في السلط. وبين الذروتين, تحركت معان والشوبك والطفيلة (وطفايلة عمان) وذيبان ومادبا وسوف والرمثا … تحت شعار موحد ‘ لم تفهمونا..’

الرد واضح: نحن هنا! ليس بالإمكان تجاهلنا يا دولة الرئيس! ولن تفيدك الصفقات السياسية مع هذا الحزب أو تلك الجبهة!

أظهر الحراك الشعبي, أمس, حضوره كتيار سياسي موحد على المستوى الوطني, من خلال بيان مشترك يركّز على أن حجم الحراك ومداه ما يزالان يرتبطان بالفهم المسؤول للتعقيدات الإقليمية التي يعيش الأردن ضمن معادلاتها الحساسة. فالحراك الشعبي, وطني الروح والبرنامج والهوية. لكنه ليس مستعدا للتنازل عن أهدافه. وفي بيانه الجدير بالتأمل أمس.

(1) إدانة لتشكيل الحكومة على ركيزة ‘ التوريث والمحاسيب وقيادات الفساد’. وهذا يعني أن تكتيك إنقاذ حكومة تقليدية غير سياسية من خلال توزير أبناء العشائر لم يجد نفعا. فالمشكلة المطروحة الآن ليس تمثيل المناطق والعشائر, بل مَن الذي يمثلها. ومن الواضح أن السياسة الرسمية ما تزال تتجاهل حركة الإستبدال الديموقراطي الحاصلة للقيادات في البنى المناطقية والعشائرية.

(2) وفي البيان تحذير من اتجاه حكومة الخصاونة إلى العبث بالمادة 74 من الدستور التي تقضي باستقالة الحكومة التي ينحل البرلمان في عهدها ويمنع رئيسها من إعادة التشكيل. وقد شعر النشطاء, لأول مرة, ويا للمفارقة, بإن التعديلات الدستورية المقرة أخيرا هي مكاسب ينبغي الدفاع عنها. وهو ما ينبغي على الخصاونة أن يضعه في اعتباره. فمعركته التي يزمعها للعودة عن تلك التعديلات, سوف تفجر احتجاجات غير مسبوقة وتنسف الثقة بالعملية الإصلاحية برمتها.

(3) وفي البيان تأكيد الاستمرار في برنامج هيكلة القطاع العام. وهي رسالة عاجلة للحكومة عليها أن تأخذها بمنتهى الجدية. فالمس بهذا البرنامج أو تعطيله أو العبث بمفرداته, سيضيف عشرات الآلاف إلى صفوف المحتجين.

(4) وبينما يطالب البيان بحزمة إصلاحات متزامنة, إقتصادية واجتماعية وسياسية, فإنه يحسم, مرة أخرى, بأن الأولوية المطلقة هي لمحاكمة الفاسدين أمام القضاء المستقل.

ليس أمام الخصاونة الكثير من الوقت لتدارك الوضع, وسيكون من واجبه إزاء نفسه وإزاء النظام وإزاء البلد, أن يعيد حساباته, ويراكم على الإنجازات القليلة, ويدرك, خصوصا, أنه لن يحظى إلا بفترة رئاسية واحدة لا غير, فالتعديلات الدستورية هي, موضوعيا, خط أحمر, من الضروري تطويرها ديموقراطيا في المستقبل, ولكن لا يمكن التراجع عنها. وهي لا تسمح للرئيس بحل البرلمان وإعادة تشكيل الحكومة, ولا بإصدار قانون مؤقت للإنتخابات, ولا تمنحه متعة توزير مزدوجي الجنسية!

خارطة الطريق أمام الخصاونة واضحة ومحدودة: التعاون مع مجلس النواب لإقرار قانون انتخابات عامة وفق الأسس المتفق عليها في لجنة الحوار الوطني, ومن ثم حلّ البرلمان وإستقالة الحكومة. كم هو الوقت اللازم لذلك? أربعة أشهر… دعها, دولة الرئيس, تمر بسلام !0

(العرب اليوم)

Posted in Uncategorized.