خليِّ السلاح صاحي

ناهض حتّر
القرار الدولي 1701 هو حصيلة توازنات ميدانية – وهي الأهم في اجبار واشنطن وتل ابيب على التراجع في عدة نقاط جوهرية – وكذلك: توازنات لبنانية – وهي الاهم في اضطرار حزب الله الى التعامل المرن الايجابي مع قرار «غير عادل وغير منصف» بتعبير السيد حسن نصر الله.

ذلك لا يغفل، بالطبع، التوازنات العربية والاقليمية والدولية الناشئة على هامش الحرب اللبنانية – الاسرائىلية. ولكن هذه التوازنات نفسها هي في الاخير، نتيجة لصمود المقاومة والشعب اللبناني من جهة، ونتيجة لضرورات الحفاظ على الوحدة الوطنية اللبنانية التي حدت، وتحد من قدرة حزب الله على استثمار انتصاراته الميدانية من جهة اخرى.

ابتلعت وزيرة الخارجية الامريكية، كوندوليزا رايس، اوهامها السوداء حول «الشرق الاوسط الجديد». وامام عجز الجيش الاسرائيلي عن انجاز المهمة،، وبروز اعراض الهشاشة الردعية والدفاعية للكيان الصهيوني، تراجعت واشنطن عن تغطية العدوان، واستكماله بقرار دولي تحت الفصل السابع، واستحضار قوات دولية محاربة لتنفيذ الاهداف التي عجز عنها الاسرائىليون. وهي قبلت، عملياً بصورة مواربة وملتبسة بالنقاط السبع للحكومة اللبنانية. وهي تأمل الآن في تمكين الاسرائيليين من تحقيق بعض الانجازات قبل العودة الى الآليات السياسية الداخلية لمحاصرة حزب الله سياسيا، ودفعه الى المواجهة الصعبة مع التعقيدات اللبنانية المعروفة.

وقد حدد السيد حسن نصر الله، بسرعة ووضوح ودقة، اطاراً ديناميكياً لاستيعاب هذا التطور واستحقاقاته، بالتأكيد علناً، على اعتراف حزب الله بقرارات الحكومة اللبنانية، وتسهيل معالجاتها. وقد اسهم هذا الاعلان، فوراً في استقطاب خطاب سياسي وطني من جميع الاطراف في لبنان.

الحكومة الاسرائىلية التي ذهبت الى حرب مفتوحة بأوامر امريكية، وجدت نفسها في مأزق سياسيّ مركّب. فهي، اذا توقفت عند هذه النقطة، تكون قد خسرت الحرب، وعليها ان تواجه الاستحقاقات الداخلية لهذه الخسارة، بما في ذلك سقوط حزب كاديما مشروعه السياسي للانفصال من طرف واحد، وتلاشي الاجماع الاسرائيلي لصالح الانشقاق، مجددا، بين اليمين و«اليسار».

لذلك، قررت حكومة أولمرت توسيع عملياتها بعيد صدور القرار الدولي «1701» آملة «بتحقيق ما عجزت تحقيقه خلال شهر كامل»، وكانت النتيجة انها قدمت ، في يوم واحد، أكبر كم من الخسائر في الدبابات والجنود، أولمرت- المهزوم- مضطر الان للمزيد من القتال في لبنان، للحفاظ على موقع حكومته في الداخل.

اهمّ انجاز حققه لبنان في القرار 1701 هو صدوره تحت الفصل السادس ، غير الالزامي، والاقتصاد على زيادة عديدة وعدة قوات اليوينفيل ذات الصلاحيات غير القتالية، وهو اعادة تطبيق القرار 1559 المتعلق بسلاح حزب الله الى مائدة الحوار السياسي اللبناني، واخيرا فانه فتح الباب امام سياق سياسي جديد لحل مسألة الاحتلال الاسرائيلي لمزارع شبعا والأسرى وخرائط الالغام..

بالنسبة لحزب الله، فإن افضل ما حصل عليه هو العودة الى تفاهم نيسان ،1996 ،والقائم على تحييد المدنيين على الجانبين وحصل القتال بين المحاربين. وهذه هي احسن صيغة ممكنة لاستمرار نضال الحزب، اذا لم ينسحب الاسرائيليون كليا من الاراضي اللبنانية، – بما في ذلك شبعا- وقد كان نصر الله واضحا في تأكيده على ان المقاومة ستواصل كفاحها المسلح طالما ظل هناك جندي اسرائيلي على ارض لبنان، وهكذا، فإن وقف العمليات القتالية- بالنسبة لحزب الله- يعني، تحديدا، وقف قصف شمال فلسطين المحتلة بالصواريخ اذا ما التزمت اسرائيل بوقف قصف المرافق المدنية والمدنيين في لبنان، لكن، مثلما ان القرار «1701» ضبابي لجهة تمكين الاسرائيليين من استمرار القتال ضد حزب الله- دون المدنيين- فهو كذلك، ايضاً، بالنسبة لحزب الله .

هذا يعني، بالمحصلة، ان الحرب مستمرة. سوف يتغير شكلها، ولكنها سوف تستمر إلا اذا توفرت الارادة الدولية لفرض البرنامج اللبناني كاملا، لان ذلك، وحده، هو الذي يساعد الحكومة اللبنانية على بسط سيادتها، فعلا، على جميع اراضيها، وينزع شرعية حزب الله.

لكن خضوع واشنطن وتل ابيب للمطالب اللبنانية، سيكون بمثابة هزيمة استراتيجية، ذات آثار مباشرة على الجبهات والمسارات الاخرى، من حيث ترسيخ معادلة جديدة على الارض والحقوق مقابل الهدنة، وليس «السلام مقابل السلام».

على هذه الخلفية، فإن القرار «1701» ليس سوى اطار لاستمرار الحرب، ربما بايقاع أبطأ او أحمأ، وهو خارطة طريق وعرة مكتظة بالمطبات وشياطين التفاصيل والخديعة والمواجهت العسكرية والسياسية والاعلامية.

Posted in Uncategorized.