ناهض حتّر
على السياسة الخارجية الاردنية ان تواجه الحقائق بشأن سورية.
1) النظام السوري خرج بالفعل من عنق الزجاجة. وهو باقٍ الى أمد غير منظور. وبغض النظر عن التصريحات الجوفاء لادارة بوش – تشيني، فإن تقرير بيكر – هاملتون، والاجماع في الكونغرس الامريكي، يعتبر ان دمشق هي مفتاح الحل لأزمات المنطقة في العراق وفلسطين ولبنان.
2) الحوار الامريكي- السوري، بدأ فعلا، من خلال زيارات كبار رجالات الكونغرس وابرزهم جون كيري – الى دمشق.
3) سورية هي التي تملك على الارض – وليس ايران – امكانية التأثير الفاعل في لبنان، وفي فلسطين، وحتى في العراق، حيث تحتفظ دمشق بعلاقات متعددة المستويات مع المقاومة العراقية، في حين ان علاقاتها مع الحكومة العراقية والاوساط الشيعية، تتحسن وتؤثر.
4) تتجه السياسة السورية، فعليا، الى الانفصال الحذر عن المقاربة الايرانية، اولا من خلال استعدادها الجدي للتفاوض مع اسرائيل، وهو ما سيحرك ديناميات مشابهة على المسارين الفلسطيني واللبناني، وثانيا، من خلال اعتراضها الميداني على السياسات الايرانية في العراق، واتجاهها الى تشجيع جبهة عراقية فوق طائفية، تتولى التفاوض على الانسحاب الامريكي، علما بأن دمشق ترفض كما هو معروف، الاحتراب الطائفي وتقسيم العراق.
5) ادارة بوش – تشيني التي تركز على المواجهة الصعبة مع ايران، تقابلها توصيات بيكر – هاملتون التي تركز على الحوار السهل مع سورية التي تملك الادوات الميدانية الفاعلة في المناطق الملتهبة. وحتى العلاقة الخاصة بين ايران وحزب الله، تمر، جغرافيا ولوجستيا وأمنيا، عبر الجسر السوري الذي يتحكم – ما يزال – بفضاء السياسة اللبنانية.
6) بالرغم من ان التحالف السوري- الايراني هو تحالف استراتيجي، فإن دمشق تريد الافادة من التغييرات الحاصلة في السياسة الامريكية باتجاه استعادة دورها الندي في هذا التحالف، بعد ما تراجع ذلك الدور تحت الضغوط الامريكية والعربية – في السنوات الاربع الماضية، الى دور تبعي لا يريده السوريون بالطبع.
7) استراتيجية سورية هي في النهاية، محكومة بعوامل لا مناص منها، وهي (أ) القومية العربية التي تشكل البعد الرئيسي في شرعية النظام السوري (ب) حاجة النظام السوري الوطنية والمعنوية والسياسية لاستعادة الجولان (جـ) باعتبار ذلك شرطا لا غنى عنه لتطبيع الاوضاع الداخلية في البلاد التي تحتاج الى تجديد شامل في المجالات الاقتصادية والخدمية، وتجاوز الازمات الداخلية.
***
استنادا الى كل ذلك – وسواه – تستطيع عَمّان ان تلعب دورا خاصا، في هذه المرحلة، للتفاهم الجدي مع سورية، وتعزيز دورها على حساب الدور الايراني، وهو ما يقتضي التوقف عن سياسات التجاهل والقطيعة واحتساب السوريين في المحور الايراني، او عرقلة جهودهم لزيادة نفوذهم في مناطق الازمات.
المحور المصري – السعوي – الاردني سوف يتغير، جذريا، بانضمام سورية الى مبادرة عربيّة شاملة لا تقوم على اساس جرّ سورية الى الخضوع.. فهذا غير ممكن، ولكن تعضيدها على اساس التفاهمات والدعم والمشاركة، سوف يقود الى تغيير في المشهد السياسي للمنطقة.
اقترح البدء، حالا، بالترتيب الى خلوة سورية – اردنية، خارج الرسميات والمواقف المسبقة، لاستكشاف الامكانيات.