ناهض حتّر
تحصين الاردن ضد خطر الوطن البديل، يتطلب تصميم وتنفيذ استراتيجية وطنية بديلة، تقوم على (1) تحالف اجتماعي وطني يأخذ بالاعتبار، كأولوية، مصالح الفئات الشعبية والمتوسطة، ويتمحور حول تعزيز الدور الاقتصادي – الاجتماعي للدولة، ونبذ سياسات الخصخصة والسوق.. الخ (2) عملية ديمقراطية موسعة وفاعلة تسمح للقوى الاجتماعية والثقافية المشاركة الدستورية في صنع القرار (3) اعتماد سياسة خارجية متوازنة وديناميكية على المستوى الاقليمي والدولي، تنأى بالاردن عن المحور الامريكي – الاسرائيلي (4) التركيز على تعزيز القدرات الدفاعية (5) اطلاق ثورة ثقافية لتعزيز الروح الوطنية وقيم المواطنة والمسؤولية الجماعية.
هذه هي السياسات التي تكفل تكوين قاعدة راسخة للدولة الوطنية الاردنية، تحميها من المخاطر وتسمح لها بالتقدم في جميع المجالات، اما الوعود فهي لا تطمئن الاردنيين الى مستقبلهم، مثلما تطمئن رئيس الوزراء معروف البخيت.
نحن لا نثق بواشنطن ولا بالوعود المعسولة التي طالما جربناها ونلنا الخيبات. لقد كانت لدينا قبل العام ،1967 وعود وضمانات بعدم احتلال الضفة الغربية ثم وعود وضمانات بالانسحاب منها من دون نتيجة.. علما بان كل المشكلات الكبرى التي واجهتها الدولة الاردنية، منذ ال¯ 67 وما تزال بما في ذلك «الثنائية الاردنية – الفلسطينية» ناجمة عن الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية، وسلخها عن المملكة على الرغم من الجهود المثابرة التي بذلها المغفور له الملك الحسين منذ ال¯67 وحتى ال¯.1988
علمتنا التجارب التاريخية الا نثق الا بانفسنا وبقدرتنا الذاتية على الدفاع عن وطننا ودولتنا ومستقبلنا فليس في السياسة وعود، بل موازين قوى.
ومن الواضح ان ميزان القوى الحالي بين الاردن واسرائي¯ل، ليس في مصلحة بلدنا، لا على المستوى الاجتماعي-السياسي، ولا على المستوى الدفاعي. ولذلك، فليعذرنا البخيت اننا لا نستطيع ان نطمئن الى تأكيداته بزوال خطة الوطن البديل.
كلا. هذا الخطر ما يزال ماثلا. وهو يقترب يوما بعد يوم، ويهددنا كما لم يهددنا سابقا:
(1) فاسرائي¯ل ما تزال -وستظل- ترفض الانسحاب حتى حدود ال¯ 67 . وهي لن تفعل ذلك الا بالمقاومة، العسكرية والسياسية. وهي تعرقل، بالتالي، قيام الدولة الفلسطينية، وتدفع بالفلسطينيين، تحت ضغوط التجويع والحصار والقتل، الى الهجرة التي لم تتوقف، ابدا، باتجاه الاردن.
يحدث ذلك بينما تحتفظ عمان بافضل العلاقات الثنائية مع اسرائي¯ل، ولا تجد وسيلة للتعامل معها الا الصبر والتوأد.
(2) والكيان الفلسطيني مهدد، بفعل الصراع الداخلي بين فتح وحماس، بالانهيار الذي سيكون كارثة على الاردن بقدر ما هو كارثة فلسطينية.
وبدلا من ان تسعى الحكومة الاردنية الى رأب الصدع، وتلافي الانقسام والانهيار.. فانها تنحاز الى طرف ضد آخر في فلسطين، وتساهم في محاصرة الحكومة الفلسطينية واضعافها لحساب الرئاسة الفتحاوية.