‘نحن وطنيون عروبيون إسلاميون, نؤمن بالوحدة الوطنية’. هكذا أجاب الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي, حمزة منصور, على سؤال الزميلة ‘ الدستور’ حول قضيتيّ فك الإرتباط والهوية الوطنية. لاحظوا: لم يقل منصور..’ نحن أردنيون’. ولاحظوا أنه يناقض الهوية الأردنية بالهوية العربية الإسلامية, ولا يعتبرهما شيئا واحدا. ولاحظوا, أخيرا, أنه يتحدث عن إيمان الإخوان المسلمين ‘بالوحدة الوطنية’, بينما لا يتعلق الحديث بالمكوّنات الداخلية, بل بالعلاقة بين الأردن وفلسطين!
وبناء عليه, سوف يعلن منصور صراحة: ‘ونحن نؤمن أن كل من يحمل جنسية أردنية هو أردني شاء من شاء وأبى من أبى’. ولاحظوا ما يلي: لا تدرج لفظة (أردني) على لسان منصور إلا مقترنة بالجنسية والتجنيس. فالأردن, عنده, ليس سوى جنسية.. وهذه حق لمواطني الضفة الغربية ( الفلسطينيين لما بعد 1988) لماذا? لأن الضفة الشرقية ‘ دخلت مع الغربية في وحدة طوعية’, بينما قرار فك الإرتباط بينهما ‘ غير دستوري’.
أيتجاهل منصور أن هذا الموقف يتطابق, كليا, مع الضغوط الأمريكية والمشروع الإسرائيلي? كلا. ذلك أن جرأته في قوله ‘ شاء من شاء وأبى من أبى’ المتحدي لملايين الأردنيين, تنطلق, تحديدا, من الإستناد الضمني إلى تلك الضغوط بالذات, وتتناغم, تحديدا, مع ذلك المشروع.
هل يجرؤ منصور على أن يعلن أن مشروع الدولة الفلسطينية غير شرعي? بالطبع لا. لكنه يتجرأ على الأردن والأردنيين وكيانهم وهويتهم.
يشير منصور إلى ‘ الوضع الجديد على الساحة الأردنية الفلسطينية’, يقصد, ضمنا, قرار الإنفصال الفلسطيني, وقرار إنشاء الدولة الفلسطينية, وقيام السلطة ومجلسها التشريعي الذي يتربع الإخوان المسلمون على أغلبيته, وحكومتها التي كانت برئاسة إخوانية, ولا تزال كذلك في غزة. ولكن, كل ذلك, لا قيمة له ‘ فمن حق الشعب الفلسطيني أن يقاوم بكل الوسائل …’ أي بما فيها الإنفصال والسلطة والمجلس التشريعي والحكومة …الخ, لكن ليس للشعب الأردني, الحق نفسه في المقاومة, بكل الوسائل .. بما فيها تعيين حدوده وهويته وتحديد مواطنيته.. الخ
نوضّح المفارقة: من حق الفلسطينيين, الإنفصال, لكن ليس من حق الأردنيين, فك الإرتباط. لماذا? لأنه من حق الأوائل على الأخيرين دعم مقاومتهم وصمودهم. طبعا.. ولكن ..ألا يكون دعم مقاومة الفلسطينيين وصمودهم إلا بالسماح بالتجنيس والتوطين وإلغاء هوية الأردن الوطنية وكيانه وحقوق شعبه?
طيّب ..هل تقبل يا منصور بهذا التحدي: أعلنوا ¯ في الإخوان وجبهة العمل ¯ أن إنفصال الضفة الغربية غير شرعي, وأنها جزء من المملكة, وأن الهيئات الحكومية الفلسطينية الحالية هي هيئات غير شرعية ومتمردة على الحكومة المركزية في عمان, وأن تحرير الضفة الغربية هو واجب دستوري على المملكة, سواء سلما أم حربا. عندها سأقول لكم: نعم .. وستكون مهمتنا, معا, البحث في تأسيس جبهة المقاومة الوطنية الأردنية لاسترداد أرضنا المحتلة. ( يتبع)
العرب اليوم