حكومة الطراونة : هواجس الحراك ومخاوفه

يرى نشطاء الحراك الشعبي في شخصية رئيس الوزراء, فايز الطراونة, ونهجه وتصريحاته وتشكيلته الوزارية, ما يجعلهم يتداولون الأفكار والهواجس التالية نحو حكومته:
– ليس في هذه الحكومة شخصيات سياسية أو ذات ثقل يمكّنها من الحوار مع الأحزاب والقوى المجتمعية, أو تصوّر إطار لحل متكامل وذي صدقية للأزمات الأردنية. وبما أن رئيس الحكومة نفسه كان قد نأى عن التطورات السياسية في البلاد, ولم يتعرّف على قضاياها وقواها وحساسياتها ونخبها الجديدة, يمكن القول إن الدوّار الرابع سوف يستمر في سياسات داخلية أكثر فداحة مما سبق , بل ويتحسب النشطاء للآتي:

أولا, اعتماد خطاب سياسي وإعلامي استفزازي يعبّر عن روح معادية للحراك وهيئاته ومطالبه, ويضيّق على قوى المعارضة الوطنية من خلال تحشيد مضاد الخ في محاولة للعودة بعقارب الساعة إلى الوراء.

وفي رأيي أن التعرّض للحساسية الوطنية الشعبية الجديدة, من موقع الخصومة والعداء, ومن دون حسابات رجل الدولة, سوف يؤدي إلى حالة دائمة متفاقمة من التوتر السياسي تشلّ فرص الحوار,

ثانيا, إقفال ملفات الفساد والخصخصة نهائيا, بدعوى التعارض بين الحملة على الفساد وبين جذب الاستثمارات أو بدعوى الاعتراض على ما يسمى باغتيال الشخصية الخ.

وأحسب أنه إذا حدث ذلك فعلا, فسوف نصل إلى تقويض أية محاولة لإعادة بناء الثقة العامة, وتجريف أي مضمون إيجابي للانتخابات المقبلة,

ثالثا, الإقدام على قرارات متعجلة غير مدروسة في ما يتصل بالدعم الحكومي للسلع والخدمات.

ويقيني أن قرارات من هذا النوع لا تأتي في سياق برنامج إقتصادي اجتماعي مالي متكامل, ستؤدي إلى موجة تضخمية – ركودية مزدوجة, ومصاعب اجتماعية غير محتملة, وتهدد بانتفاضة شعبية, ليس على طريقة حراك 2011 – 2012 ولكن على طريقة نيسان 1989 وآب 1996 .

رابعا, الاستعداد الحكومي لتقديم الغطاء السياسي لحملة اعتقالات ومطاردات وتضييقات عرفية الخ أو ما يطلق عليه النشطاء, الحل الأمني.

لكن الحل الأمني سيؤدي إلى عكس المراد بالضبط, فموازين القوى في البلاد لا تسمح بالتصعيد الحكومي ولا بالحلول العنفية والأمنية التي ستنشأ عنها, في تطور ربما لا يكون محسوبا ولكنه حتمي, معارضة غير دستورية.

هذه هواجس الحراك إزاء حكومة الطراونة. وقد علّقتُ عليها من دون تأكيدها, لكنني أنبه إلى أن تحققها سيؤدي إلى وقوع الحراك كله تحت هيمنة الإخوان المسلمين. وحينها سوف يذهب الرئيس إلى قهوته وأدلاله ويذهب وزراؤه, مرة أخرى, إلى النسيان, ليتركوا البلاد تواجه مصيرها.

فعاليات الحراك الشعبي ليوم غد ستكون تحت مسمى ‘ جمعة إسقاط وادي عربة’, في إشارة هجاء واضحة إلى رئيس الوزراء الجديد الذي جاء إلى الحكم من فريق المفاوضات مع العدو الإسرائيلي. ولكن أغلب رؤساء الوزارات والوزراء الأساسيين وكبار المسؤولين منذ 1994 ، جاءوا من الفريق نفسه, بمن فيهم حليف الإخوان المسلمين, رئيس الوزراء السابق, عون الخصاونة. نادي وادي عربه هو نادي الحكم في الأردن. وأنا أؤيد إسقاط المعاهدة والنادي معا, لكن مشكلتنا اليوم أفدح: وحش الفساد أكل الدولة وقدراتها وهيبتها وفعاليتها على إعادة تجديد نفسها ومجتمعها, بينما نواجه التحديات الإقليمية والدولية الاستراتيجية بعقلية التكتيكات اليومية.

العرب اليوم

Posted in Uncategorized.