خضع رئيس بلدية الفحيص لضغوط شخصيات حكومية ونيابية ذات صلة، ووافق على مشروع شركة لافارج الفرنسية لبيع أراضي مصنع الإسمنت إلى مستثمرين على أساس مخطط يتضمن وعودا ببناء جامعة وإنشاء حدائق وسوى ذلك من المنافع العامة، في 400 دونم من أصل أكثر من 1800 دونم، بينما يكون للمستثمر الحق في إقامة أي مشاريع أو التنظيم بقصد البيع الخ..ولا توجد أي ضمانات لإلزام المستثمرين بتعهدات شركة لافارج التي لا يهمها سوى الحصول على ثمن الأراضي والتخلّص من عبء إعادة تأهيلها. وهي ستكون حققت عوائد خيالية، مقابل الحجم المحدود لاستثمارها في مصانع الاسمنت المخصخصة. نذكّر، هنا، بأن مستثمر شركة الاتصالات ‘أمنية’ حصل على التراخيص (المقيمة بحوالي نصف مليار) مقابل مبلغ زهيد لا يتعدى خمسة ملايين دينار، لقاء وعد ببناء جامعة حديثة متخصصة في تكنولوجيا الاتصالات. بعد سنة واحدة، باع المستثمر أمنية، محققا ربحا صافيا على حساب الخزينة بحوالي مئة ضعف استثماره!لكن، حتى لو افترضنا أن مستثمر أراضي الفحيص سيبر بوعوده، فإن استغلال 1400 دونم لأغراض تجارية وسكنية، سوف يقوّض بيئة الفحيص الثقافية والسكانية والتراثية، ويساهم في تهجير أهلها.وفقا للقانون على شركة التعدين، أيا تكن، أن تعيد تأهيل أراضي المناجم بعد استنفادها، وللحكومة أن تستردها لمصلحة الخزينة؛ فأراضي المناجم توضَع بحوزة المستثمر لأغراض التعدين، ومن ثم تُستعاد بعد استنفاد هذه الأغراض.تقع أراضي مصنع الاسمنت في حدود بلدية الفحيص؛ ولذلك، فإن موافقتها على مشروع لافارج لبيع واستثمار تلك الأراضي، ضرورية؛ إذ لا يمكن إشغالها بأي مشروع من دون موافقة المجلس البلدي الذي طالما تمسك بالرفض، مدعوما بأهالي الفحيص، حتى تفاجأ الرأي العام بصدور قرار المجلس بالموافقة على مشروع لافارج، بأغلبية صوت واحد.وقد أثار هذا القرار موجة من الغضب لدى أهالي الفحيص الذين قرروا القيام بفاعليات احتجاجية، وسط تضامن معروف من أهالي البلقاء. وبذلك، فإن القضية لم تُحسَم بعد، وستظل موضع صراع مفتوح، ولا يمكن تقدير عواقبه؛ خصوصا وأنه سيفتح ملفات فساد كبرى، بالإضافة إلى كون القضية، بالأساس، قضية مجتمعية سياسية.يُسجَّل لرئيس الحكومة السابق، الدكتور عبدالله النسور، وقفته مع أهالي الفحيص ضد مشروع لافارج، ودعمه للبلدية في إصرارها على تسوية تحافظ على مصالح المدينة وهويتها. ولكن الحال تغيّر مع رئيس الوزراء الحالي، هاني الملقي، وخلال بضعة أيام ظهر انحياز القرار الحكومي لصالح مشروع لافارج. ولا يُلام الملقي فقط، ذلك أن نائبا ووزيرا من أهالي الفحيص هما اللذان تعهدا الحصول على موافقة البلدية، في ظروف غامضة.الأردنيون جميعا مدعوون لمساندة أهالي الفحيص في مواجهة الحيتان، بل في مواجهة نهج كامل من التفريط مجددا بمصالح الأردن والأردنيين تحت يافطة الاستثمار؛ إذ أصبح واضحا أن حكومة الملقي لا تخضع لأي روادع اجتماعية، وأنها ستحول الدولة إلى لجنة لخدمة المستثمرين على حساب الوطن والناس.