ناهض حتّر
بلغت نسبة شعبية بوش الصغير، لدى الامريكيين، 38 بالمئة. وجرى السماح باعلان هذه النتيجة. ولعل هذا هو الفارق الوحيد بين بوش الصغير وبين الزعماء العرب الذين لا يسمحون بالاساس، باجراء استطلاعات نزيهة لمستوى شعبيتهم.
ما عدا ذلك، نستطيع القول ان الولايات المتحدة الامريكية، استوردت وتمثلت محتويات وانماط ومظاهر النظام العربي. فالرئيس الامريكي، الان، زعيم ملهم، ظل الله على الارض -وكليمه- البطل القومي الذي يخطب في جماهير مؤيدة مصفقة، وراء جنوده الاشاوس، خطبا بليغة مكتظة بالعنجهيات والاكاذيب.
كل موارد الدولة الامريكية تحت تصرف الاجندة الشخصية للرئيس العظيم، وتحت تصرف اقربائه ومحاسيبه واصدقائه وحلفائه الذين لا يرسلون اولادهم الى الحرب، ولكنهم يذرفون دموع التماسيح على تضحيات ابناء الفقراء من اجل الامة.
الاهمال المتعمد القاسي للبنى التحتية، ومصائب الجماهير، وادارة الظهر للالام البشرية. وفي الوقت نفسه، تلزيم العطاءات، خارج كل الشروط القانونية، للشركات الحليفة وشبكات المصالح التي يتربع الرئيس على قلبها.
اجهزة الامن تتكاثر كالفطر في الولايات المتحدة، في منظومة امنية كاملة متقاتلة -كما يحدث في بلدي عالمثالثي ويمكنها ان تقتل وتنتهك الحرمات، وتراقب الاتصالات، وتقتحم حياة البشر الخاصة.
المعارضة هي «انشقاق» و«خيانة» وطعنة في الظهر للمقاتلين في الجبهة. وبدلا من مواساة ام فقدت ابنها في العراق، وتحتج على فقدانه المجاني يمكن اعتقالها، هي والمتعاطفين معها بتهمة تعكير الامن العام، بل بتهمة ازعاج الرئىس العظيم، اثناء تدريباته على الدراجة الثابتة.
الكذب والعنجهية والفشل والفساد والقمع وتجاهل الرأي العام ونهب الخزينة واقتناص الفرص المالية الحرام وتعدد اجهزة الامن والبوليس والاستخبارات، واعتقال المعارضين.. الخ وحكم العائلة والمحاسيب!! هذه هي الديمقراطية الامريكية؟
كان بوش الصغير -رسول العناية الالهية للمحافظين الجدد- يريد تصدير الانموذج الامريكي الى بلادنا. ما حدث هزيمة كاملة للمشروع الكبير: لقد صدرنا الى الولايات المتحدة الامريكية، الانموذج العربي!