لم يصدر عن وزير الداخلية، عوض خليفات، أي تعليق على الأنباء التي تفيد بأنه قام مؤخرا بمنح جنسيات لأخوة فلسطينيين، خلافا لتعليمات فك الارتباط السارية المفعول؛ فهل هذه الأنباء صحيحة؟ أم أن معاليه لا يعتبر هذا الشأن السيادي الحساس سياسيا، مهما، بحيث ينفي أو يوضّح ما الذي يحدث هذه الأيام في وزارة الداخلية لجهة فتح باب التجنيس اللاقانوني؟
رئيس الوزراء معني، أيضا، بخرق قرار مجلس الوزراء (الصادر عن حكومة الدكتور معروف البخيت) المستند إلى توصيات لجنة الحوار الوطني، بأن تصدر جميع قرارات منح وسحب الجنسيات عن مجلس الوزراء، وتنشر في الجريدة الرسمية.
يُقال في تفسير تسهيلات التجنيس السياسي غير القانونية التي تقوم بها الحكومة، بأنها جزء من فاتورة مسبقة الدفع لمجموعة نواب الوطن البديل، لقاء تسمية النسور لرئاسة الحكومة البرلمانية ، بينما يبرّئ آخرون الرجل، ويلصقون التهمة بوزير الداخلية، المرشح، بدوره، للمنصب.
وقد لا يكون الأمر كذلك، لكن تسونامي تيار التوطين والتجنيس والمحاصصة، في مجلس النواب والصحافة والفضائيات والصالونات والمنتديات، ربما يكون أقوى من قدرة النسور ووزير داخليته، على الالتزام بالمصالح الوطنية والتعليمات. المصيبة الأكبر ،إذاً، تلك التي سترتكبها الحكومة البرلمانية المرجح أنها ستتعهد لنواب التيار التوطيني ، علنا أو سرا، بفتح الباب أمام تجنيس أكثر من مليون فلسطيني يقيمون في الأردن الآن، وليسوا لاجئين ولا نازحين، وإنما مواطنون في السلطة الفلسطينية، قرروا الإقامة الطوعية في الأردن، وكذلك تجنيس ما يربو على نصف مليون من أنسبائنا الفلسطينيين وأبنائهم، بحجة تجنيس أبناء الأردنيات.
ولكي لا يكون هناك التباس من أي نوع، فإن نواب التيار التوطيني، هم من جميع المنابت والأصول، وبينهم نوّاب عشائر ومحافظات، مما يدل على أن التفريط بالمصالح الوطنية وأولوية المصالح الشخصية ، هي سمات مشتركة للنخبة النيابية الجديدة التي لم يظهر منها حتى الآن، صوت واحد يدافع عن الوطن ومصالحه وهويته. ولعلها كارثة أن تكون الحكومة البرلمانية، الأولى منذ 1956، في أيدي هؤلاء.
القلق والغضب يتدافعان في صدور أبناء البلد من أقصاه إلى أقصاه، إلا أنني صددتُ كل من يتحدث معي في هذا الشأن، متسائلا عن هذه الصحوة المفاجئة والوعي المستجد الذي كان غائبا منذ شهر واحد فقط حينما كان هؤلاء يقاطعون الانتخابات تحت بريق شعارات عالية السقف أو كانوا يشاركون لمصلحة ابن العشيرة أو صاحب الفضل الخ
لا البرلمان ـ ولا الحكومة البرلمانية ـ لهما شرعية التعدي على الثوابت الوطنية أو المساس بمقتضيات الأمن القومي للبلد، بل إن من مبادئ الديموقراطية سحب الثقة بنواب انتخبناهم إذا تورطوا في مواقف لا تعكس الإرادة الشعبية. وسحب الثقة ذاك، لا ينتظر أربع سنوات أخرى، بل يمكن القيام به فورا من خلال تنظيم الجهد الشعبي لحل البرلمان وحكومته، حالما يتجاوزان المصالح الوطنية والشعبية.
العرب اليوم