ناهض حتّر
كانت الخطة الاردنية في السبعينيات، تقوم على تكثيف الاستثمارات في الاغوار، لزيادة عديد السكان، وتجذيرهم في الارض، بهدف انشاء جدار اقتصادي – اجتماعي – ديمغرافي في مواجهة الاطماع الاسرائيلية او لتأمين السلام الواقعي عبر النهر، او -كما ارى – لكليهما معاً.
الخطة نجحت، وعلى مدار ثلاثة عقود، تحولت الاغوار الاردنية الى شبكة من البلدات المدينية المعززة بالبنى التحتية والخدمات العامة والمؤسسات التربوية والصحية والحكومية.
وقد جذب كل ذلك المؤسسات الخاصة والمهنيين والتجار والمصارف، وهكذا نشأ مجتمع محلي متطور نسبياً يرتبط، اقتصادياً، بالزراعة المروية. وبالنتيجة، ارتفع عديد سكان الاغوار الاردنية من حوالي 50 الفاً العام 1970 الى حوالي نصف مليون مواطن واكثر، العام 2006 .
وخلال السنوات العشر الاخيرة حدثت تطورات معاكسة. لقد انسحبت الدولة من دورها الاقتصادي – الاجتماعي، وتراجع الاهتمام بالزراعة، وفقدت كل دعم او حماية، وخضعت – بالمقابل – لضغوط السوق، وحرية الاستغلال – بالنسبة للمزارعين الفقراء والمتوسطين – بينما نشأت وتطورت زراعات رأسمالية تصديرية منبتة الصلة بالمجتمع والاقتصاد المحليين.
تراكمت الديون على المزارعين، وانخسف المردود الزراعي، وانفجرت تكاليف المعيشة، بحيث اصبحت الاسر امام مأزق الارتفاع الحاد في تكاليف المعيشة والخدمات.
التطور الاخطر حصل بإتاحة تمليك اراضي الاغوار بسندات تمليك «طابو» ما ادى الى ادخالها في سوق العقارات…
الاسر تضطر لبيع اراضيها من اجل تسديد ديونها والتزاماتها المعيشية وفواتير تعليم الابناء الخ والمستثمرون نوعان: 1 – مستثمرون عقاريون يهدفون الى انشاء مشاريع فلل شتوية 2 – ومستثمرون يهدفون الى انشاء زراعات رأسمالية تصديرية….
بالمحصلة، انها عملية اجتماعية – اقتصادية، سوف تؤدي الى ما يلي:
«1» تدمير الزراعات المتوسطة والصغيرة.
«2» انتقال ملكية الاراضي من الاهالي الى الرأسماليين.
«3» تحويل الاغوار من منطقة تنموية اقتصادية اجتماعية سياسية الى منطقة ترفيه شتوي ومزارع تصديرية.
«4» الافتقار الشامل والتهميش لمئات الآلاف من مواطني الاغوار التي هي بالاساس، منطقة دفاعية.
الخطر القادم هو هجرة الغوارنة الى عمان بحثا عن فرص عمل وفرص حياة، وسيشكل هؤلاء شيئا فشيئاً، حزام فقر جديد حول العاصمة، بينما ينهار الجدار الاجتماعي على طول الحدود مع اسرائيل.