ناهض حتّر
يغلق اعتقال مجد الشمايلة– المطلوب الأول في قضية التسهيلات– وإعادته إلى البلاد، ملفين مهمين: أولهما أمني. فقد أصبح واضحاً الآن– أن مغادرة الحدود– بجرائم اقتصادية– لا تعني إمكانية الفرار من وجه العدالة واستحقاقاتها. وثانيهما أن تحصيل الأموال المنهوبة بات ممكنا ًووشكياً.
غير أن الملف الأساسي– ملف القضية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية – ما يزال مفتوحاً على مصراعيه؛ وسيظل مفتوحاً للنقاش الوطني على عدة محاور، أهمها–عندي– الطبيعة الاجتماعية للنشاط الاقتصادي الخاص والطبقة الرأسمالية الجديدة، في عهد الخضوع لمتطلبات العولمة.
نأمل، ابتداءً، أن يتم التسريع بالإجراءات القضائية. ومن ثم وضع ملف القضية كله أمام المجتمع الأردني لاستخلاص الدروس الضرورية. فالمهم هو “تجفيف المستنقع” وإغلاق منابعه نهائياً. وهنا يتعلق الأمر بالآليات … لا بالأشخاص.
لقد نشأت قضية التسهيلات، بالأساس، من تلك المنطقة الغامضة التي تشتبك فيها خيوط النشاطات المتعددة غير الخاضعة للآليات البيرقراطية والقانونية التقليدية، والمسائلة. وهي خيوط تحركها مراكز نفوذ تجتمع لديها سلطات وصلاحيات وأذرع أخطبوطية.
فإذا كنا جادين حقاً في عدم تكرار هزة “قضية التسهيلات”، فلا بد من إخضاع كل الممارسات الحكومية– وبصورة إلزامية– وفي كل الأجهزة، وفي كل المجالات، للشفافية… وبلا حدود. وهو ما يخضعها، بالتالي، للمساءلة البرلمانية والصحافية والاجتماعية… ويضمن تلافي الهزات الكبرى. وقد تكون مساءلات كهذه مرفوقة بتطرفات واستهدافات سياسية. ولكن هذه هي ضريبة الديمقراطية التي لابدّ للمسؤولين من دفعها. وهي تبقى، على كل حال، أقل ضرراً من استهدافات الفساد! واختراقاته.