تجاهلوها.. ويجهلونها*****»المتفائلون قالوا اننا توصلنا الى سلام مع المملكة. والمتشائمون يقولون انه سلام مع الملك.. وللأسف علينا ان نكتشف الآن اي القولين هو الصحيح؟«. هذا السؤال الذي يطرحه »الاسرائيلي العادي« في كاريكاتور صحيفة »الجيروزاليم بوست« الاسرائيلية، ليس سؤالا بقدر ما هو تعبير عن دهشة الاسرائيليين من اكتشاف المملكة، في لحظة غياب الملك.كان سلام اسرائيل، بالطبع، مع الملك حسين الذي كان، بدوره، حريصا على ان يطبعه، بطابع شخصي تعززه وتتعزز به معا شعبيته الاسرائيلية. واذا كانت صورة الملك تطغى على صورة المملكة، فقد اكتفى الاسرائيليون بحرارة العلاقات الخاصة معه، ولم يلاحظوا ان السلام مع المملكة له شروط ليس بينها العواطف الجياشة.كسب الاسرائيليون، بالطبع، من السلام الحار مع الملك حسين على المستويين السياسي الاقليمي والامني، وكانوا سعداء بذلك، ولم يعطوا شيئا للملك الذي بقي عاجزا، بالرغم من حجمه السياسي الداخلي والخارجي، عن دفع المملكة نحو التطبيع مع اسرائيل او دفع الاخيرة، بالرغم من شعبيته فيها، نحو مراعاة مصالح المملكة.غاب الملك حسين الآن، وبغيابه ينتهي الفصل الدرامي من العلاقات الثنائية مع اسرائيل. وهذا لا يعني، بالطبع، ان الملك عبد الله لن يواصل الاهتمام بهذه العلاقات وتطويرها، ولكنه يعني ان »المملكة« اصبحت الآن ماثلة في هذه العلاقات.والمملكة لها، اولا وقبل كل شيء، ارتباطاتها العربية التي لا تستطيع الخروج منها، ولذلك، فان سلامها مع اسرائيل سوف يظل، مثلما كان، مرهونا بما يتحقق من »السلام« على المستوى العربي الاسرائيلي ربما بأكثر مما ترتهن به مصر »المستقلة« نسبيا عن التأثير العربي، يؤكد ذلك حجم وفاعلية وانتشار الحركة المضادة للتطبيع في الاردن منذ العام 1994.وعندما ظهرت »المملكة« على الشاشة الاسرائيلية، »اكتشف« الاسرائيليون، فجأة، انها تحادّ، سواهم وسوى فلسطين، اي سوريا والعراق والسعودية… وان المملكة لا تستطيع ان تخرج من جلدها او حدودها، وباتوا، بالرغم من انهم يعرفون الملك الاردني الجديد وآراءه، لا يعرفون »المدى الذي سيذهب اليه الملك عبد الله في استمرار السير على سياسة أبيه.. او مدى سيطرته على الأحداث في الاردن«.أفليست مفارقة انه عندما يضيع اليقين على هذا النحو بما سيحدث في الاردن، أن تتصاعد الدعوات الاسرائيلية الى ضرورة الاستثمار في هذا البلد الذي ظل ملكه يلح على مدى خمس سنوات من السلام الحار، على تعاون الاسرائيليين لكي »يقطف الناس ثمار السلام«.أوليست مفارقة اكبر ان يبادر رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو الذي طالما صد مطالب الملك حسين، الى توجيه حكومته الى »تسهيل التبادل التجاري مع الاردن«، بما في ذلك الموافقة على المطلب الاردني القديم »تخفيض الرسوم على السلع المستوردة من الاردن الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية«!…. ولكن، من قال ان الاردنيين يمكن شراؤهم؟ ومن قال ان »المملكة« تنظر الى العلاقات مع اسرائيل من زاوية الاقتصاد.. لا من زاوية السياسة؟كان الاسرائيليون يتجاهلون »المملكة«، ولكنهم يؤكدون اليوم، مرة اخرى، أنهم يجهلونها.