يعد معظم قادة الإخوان المسلمين في مصر من رجال الأعمال الذين عانوا من تضييق نظام حسني مبارك عليهم, أمنيا واستثماريا. ومن اللافت للنظر أن المرشح الإخواني الرئاسي, خيرت الشاطر كان بين 40 قياديا إخوانيا قدمهم مبارك إلى المحكمة العسكرية, عام ,2006 معظمهم من رجال الأعمال, أبرزهم حسن مالك الذي خرج من السجن في آذار 2011 ، ليؤسس ‘ جمعية رجال الأعمال الشرفاء’.
يقول مالك الذي يعد المنظّر الإقتصادي الإخواني الرئيسي, ‘ إن السياسات الاقتصادية التي كانت متبعة في عهد مبارك, كانت تسير في الطريق الصحيح, لكن شابها تفشي الفساد والمحسوبية’.وكرجل أعمال يؤكد مالك أن ‘ أبرز الأخطار التي تهدد الإقتصاد المصري هي عدم الاستقرار السياسي.فالاستثمارات الخارجية لن تأتي إلى مصر,إلا بالاستقرار الأمني.’ ويلاحظ كبرجوازي أن ‘الإضرابات العمالية, التي هدأت الآن, شكلت أحد عوامل التهديد أيضاً’. ( رويترز, إسلام ويب. نت)
في ظل قيادة إخوانية للدولة المصرية, نحن لا نستبعد زيادة متوسطة في النمو وتوزيعا أكثر تنافسية في صفوف البرجوازية الكمبرادورية المصرية .لكن الجوهري يبقى, هنا, متعلقا بالدور الاجتماعي للإسلام السياسي النيوليبرالي. وسيغدو احتمال تحقيق قدر, ولو محدود, من النجاح الإقتصادي المترافق مع إدارة خيرية للبطالة والفقر, علاجا مؤقتا للأزمة المصرية, يكفل تجديد هيمنة الإخوان المسلمين لفترة قد تطول, ما لم تتجدد الموجة الثورية ضد النيوليبرالية.
لكن في الشروط المصرية الراهنة, حيث تسيطر الليبرالية السياسية على وعي النخب المصرية,بما فيها اليسارية, فإن المعركة الاجتماعية مع النيوليبرالية لا تبدو ممكنة على المدى القريب. وبذلك, يكون البديل الإخواني هو الحل الممكن للتوسع الكمبرادوري و التعايش الجماهيري البائس مع وحشية النيوليبرالية في مصر. فالكتلة السكانية المصرية الضخمة من المهمّشين, سيظلّون يشكّلون خطرا على النظام المحلي وربما النظام الإقليمي, وطالما أنه لا يمكن استيعاب القوى العاملة المصرية في وظائف وشروط عمل تكفل لهم الكرامة الإنسانية, إلا في ظل إطاحة النيوليبرالية لصالح مثلث الإستقلالية و التنمية الوطنية والديموقراطية الاجتماعية, فإن الإخوان المسلمين والسلفيين هم أكفأ مَن يدير المجتمعات المفقَرة المهمّشة من خلال تنظيم الأعمال الخيرية والتكافل على نطاق مقونن, بما يسمح بلجم الفئات الشعبية وضبطها سياسيا وأيديولوجيا. الثغرة في هذا الحل الإخواني للتكيّف مع النيوليبرالية, هي أن الطبقة البرجوازية الكمبرادورية لن تستطيع تمويل هذا الحل من خلال مواردها الذاتية. هنا, تأتي فوائض الخليج المالية لتسدّ الثغرة, وتسهم في نجاح النموذج الخيري. وسيكون الثمن هو منع مصر من النهوض بدورها القومي وإلحاقها بالمركز الخليجي.
جماهير المفقرين المصريين إقترعوا لصالح الحل الخيري الإخواني السلفي, وسيقترعون له لفترة قد تطول, ذلك أنهم على درجة من البؤس واليأس لا تسمح لهم بالإنتظار لحصد ثمار برنامج تنموي وطني, ويفضّلون, واقعيا, المساعدة ‘ الكريمة’ العاجلة وربما مضاعفة فرص العمل في الخليج.
( يتبع..)
العرب اليوم