الحمد لله… أصبح لدينا، أيضا، منظّر محلي للمحافظين الجدد.وكما كان بول ولفويتز، يحرّض الإدارة الأميركية على غزو العراق لتحقيق ‘أهداف أخلاقية’ و’نشر الديموقراطية’، ولتحريك عجلة الاقتصاد من خلال الوصفة الإمبريالية التقليدية لحروب التدمير ومن ثم إعادة الإعمار، فإن تابعه المحلي يحرّض الإدارة الأردنية على شن الحرب على سورية، لتحقيق الأهداف نفسها. وزبدتها أن ‘العلاقة مع النظام الجديد في سورية ستكون لها عوائد اقتصادية وسياسية تخدم البلدين. فالنهضة الاقتصادية في أوروبا تحققت في إعادة الإعمار بعد الحرب، وكذا في كل العالم. ومن مصلحتنا أن نكون شركاء في إعادة بناء سورية. وبناء المدن السورية المدمرة أهم من بناء المخيمات.’
نريد أن نعرف، أولا، ما إذا كان هذا عرضا قَطريّا أم فكرة خطرت ببال الكاتب يستدرج بها تجّار الحروب المحليين للضغط باتجاه التورّط في الحرب الدامية الدائرة الآن في سورية؟
إذا كنّا بصدد عرض، فمن غير المستحب تقديمه بهذه الفجاجة بوساطة مقال في صحيفة، وإذا كان نوعا من التذاكي، فالمعنيون لا يفوّتون فلسا، ولا يحتاجون إلى مَن يستدرجهم. وبالنسبة للمواطن الأردني، فهو أصبح يعرف جيدا جدا لمَن تذهب أموال التورّط في الحروب الأميركية الخليجية والمشاركة في إعادة البناء، ومَن الذي يتحمّل، في النهاية، نتائجها السياسية والاقتصادية.
سأتجاوز عن كل المخاطر الأمنية والاستراتيجية والجيوسياسية التي يطرحها المعجب الأردني بول ولفويتز، وأتابع معه العيّار لباب الدار:
المشاركة في الحرب السورية هي فوق قدراتنا، وأمّا تسهيل حركة مقاتلي المعارضة والإرهابيين، فهي ستجرنا إلى الانزلاق في صراع لا يمكن لأحد أن يقدّر نتائجه أو متى ينتهي.
تسهيل اللجوء، كما هو حاصل الآن، ربما ينتهي بنا إلى استضافة ما بين 500 و750 ألف مهاجر يأتي معظمهم لأسباب اقتصادية، وغالبيتهم لن تغادر البلاد لاحقا. وبينما ستحصد أوساط متنفذة وبرجوازية من مساعدات اللجوء ودينامياته، فإن الخزينة هي التي ستتكفّل، في النهاية، بتكلفة دعم الإقامة للاجئين والمهاجرين الجدد، كما حصل في موجات اللجوء السابقة.
إذا سقط النظام السوري، فلن يكون هناك، بعد، نظام في سورية، بل أنظمة ودويلات وإمارات طالبانية متقاتلة، ومقرات للإرهاب سوف تبهظ تكلفة مقاومته الضخمة، خزينتنا الخاوية.
وإذا قامت في المستقبل مشروعات إعادة إعمار في الإمارات الطالبانية، فما هو حجم حصّة الأردن الممكنة في المنافسة الإقليمية والدولية؟ وما هي حصة الدولة والمواطن من تلك الغنيمة؟ المستفيدون، إذا استفادوا، هم رجال الأعمال المتنفذون الذين سينتجون ملفات فساد جديدة.
ولن يحتاج أحد في سورية المكتظة بالعمالة الماهرة المنخفضة الأجور، للأيدي العاملة الأردنية، وليست لدينا سلع ولا خدمات لنصدرها إلى سورية.
النظرية الإمبريالية لاقتصاديات الحرب لا تنفع الأردن، بل هي لم تعد تنفع الولايات المتحدة التي أرهقتها ميزانية حرب العراق، تلك التي تحولت ذهبا في أرصدة شركات السلاح والنفط والأمن.
هذا هو ما يتعلق بالعوائد الاقتصادية المرجوّة من الحرب على سورية. فما هي العوائد السياسية؟
توفير الحاضنة الاجتماعية الديموغرافية السياسية لما يعرف بـ’دويلة حوران’ على حساب وحدة الأراضي الأردنية،
مواجهة الانتشار الإرهابي في البلاد،
مضاعفة مشكلة اللجوء والمواطنة والهوية مع احتمال تدفق مئات الآلاف من فلسطينيي سورية نحو الأردن.
العرب اليوم