ناهض حتّر
اعلن رئيس الوزراء عدنان بدران، انه سيواجه “بحدة” البيرقراطية وأية عراقيل تواجه القطاع الخاص. فكأنه اعلان حرب من السلطة التنفيذية على جهاز الدولة، وعلى القوانين والأنظمة والاجراءات فهي مما يعتبره المستثمرون، “عراقيل”.
المستثمرون – المحليون والاجانب – ودائما – لهم هدف واحد هو تحقيق أكثر ما يمكن من الأرباح – فالربح هو المعيار الوحيد لنجاح المؤسسة الرأسمالية – ولذلك، فانهم يضغطون، في كل مكان، باتجاه تسهيل انجاز ذلك الهدف، بتلافي الالتزامات القانونية والاجتماعية والعمالية والبيئية الخ.
وهذه الالتزامات تعرقل بعض الاستثمارات، بالطبع، وتحدّ من فرص تحقيق اعلى الارباح، امتثالا – بهذه النسبة او تلك – لمصالح الدولة والمجتمع واجمالي الاقتصاد الوطني.
اذن، ليست كل “العراقيل” ضارة، بل هي، احيانا، ضرورية. كذلك، فان الخضوع للقانون والانظمة، اساسي لاستمرار الدولة.
نحن نحتاج، بالطبع، الى ادارة ديناميكية ومرنة في التعامل مع المستثمرين، ولكننا نحتاج – اكثر – الى بناء إطار كامل وفعال من الضوابط على العملية الاستثمارية، لكي نضمن انها تسير في السياق الذي يخدم المصالح الاستراتيجية للبلد واهمها (1) تحقيق التراكم في الرأسمال والخبرة (2) خلق فرص التشغيل اللائق للعمالة المحلية (3) تسديد حقوق الخزينة من الرسوم والضرائب (التصاعدية وفقا للدستور) (4) توجيه الاستثمارات نحو مشاريع انتاج السلع والخدمات، وعدم تركزها في القطاع العقاري وسوق المال (5) ضمان هيبة الدولة وفعالية اجهزتها الادارية والرقابية والتنظيمية. فمن دون ذلك لا ينشأ اقتصاد السوق.. بل سوق الفوضى!.
يعالج المستثمرون، العراقيل، عادة، بوسائلهم الخاصة من تشكيل مجموعات الضغط السياسي والاعلامي، بينما يقاومهم جهاز الدولة الاداري والامني. وتتواجه، هنا، اخلاقيتان: اخلاقية الربح الخاص.. واخلاقية المصالح العامة. ومن الواضح ان حكومة عدنان بدران، تقف الى جانب (الخاص) ضد (العام).. و”بحدة” !.