ناهض حتّر
ما كان ينقص المقاومة العراقية، هو عنصر الانتفاضة الشعبية المرافقة. وهو عنصر أساسي لانتصار حركات التحرر الوطني.
في الأسبوعين الفائتين، شهدت عدة مدن عراقية، ومنها النجف الأشرف، مظاهرات شعبيّة متعددة الاشكال والأحجام، اتسمت بالطابع السلمي الجماهيري، وركزت على المناداة بوحدة العراق، وعروبته، ورفض الفدرالية والطائفية. بالاضافة الى المطالب المعيشية.
هذه التحركات هي، بالاساس، تعبير عن ردة فعل عروبية واجتماعية لدى جماهير الشيعة ضد القوى الصفوية المرتبطة بملالي طهران، والهادفة الى «تفريس» جنوب العراق ووسطه، وتحويله تحت يافطة الفدرالية، الى محمية ايرانية.
واذا كان التيار الصدري هو التيار الأبرز في هذه التحركات، إلا انها تعكس، ميدانياً، ائتلاف قوى دينية ويسارية وقوميّة، يجمعها معاً الشعور بالخطر على عروبة العراق. وآخر المستجدات التي وصلتنا من مصادر عراقية، ان تلك القوى اتخذت قراراً باعلان الانتفاضة الشعبيّة العامة في سائر المدن العراقية – باستثناء اقليم كردستان – في غضون الأيام القادمة. ويظهر ان احتدام الصراع مع المليشيات الصفوية وتردي الاحوال المعيشية والخدمية، وخطر اقرار دستور فيدرالي، كلها عناصر تسهم في تجييش الجماهير، وتمنح النشطاء فرصة تنظيم مظاهرات متزامنة، تهدف الى اسقاط الحكومات المحلية في كل المحافظات العراقية، وصولاً الى اسقاط حكومة الجعفري، واعتراض التواطؤ الامريكي – الايراني.
انتظروا، بانتباه، التطورات العراقية القادمة. فهذا البلد العظيم الذي أدهش العالم بقدرته على المقاومة المسلحة للغزاة، وتحطيم الخطط الامريكية لتحويل العراق الى مستعمرة، سوف يدهش العالم، ثانية، بقدرته على تجاوز الانقسام الطائفي، وتوحيد صفوفه في مواجهة الأطماع الاقليمية، والقوى الانفصالية في الداخل.
القومية العربيّة تستيقظ في العراق، وتقاتل. وهي تتماهى، هنا، مع الوطنية العراقية والنزعة الشعبية الى العدالة الاجتماعية. وهذه التوليفة، المعززة بالمقاتلين والجماهير معاً، سوف يكتب لها النصر المبين.
ونحن نتطلع الى ان يكون لدى المسؤولين الأردنيين، القدرة على اكتشاف اللحظة، ومتابعة الموقف، وفتح خط ساخن مع القوى الشيعية المضادة للمشروع الصفوي في العراق. فعروبة هذا الجار الكبير هي مصلحة استراتيجية مباشرة للأردن.
***
في 10 نيسان ،2003 كان لي شرف التنبؤ بالمقاومة العراقية المسلحة. ويغبطني ان أحوز هذا الشرف مرة اخرى: الانتفاضة الشعبية العراقية العامة على الأبواب.
أمريكا وايران سوف تغادران العراق، معاً. وأطماع الربحيين الانفصاليين المتأسرلين في اقليم كردستان، سوف ترتد الى نحورهم.. ولسوف يخرج العراق من عمودية النار، موحداً عربياً مستقلاً وقادراً على الامساك بأعنّة التاريخ.