الشاهد 9
هذا العالم
ناهض حتّر
أقرأ صُورَ الاسلاميين المصريين التي تبثها وكالات الأنباء، يوما بعد يوم، فتزداد، عندي، القناعة الداخلية، بأن ما يواجهه نظام الرئيس حسني مبارك، اكبر من موجة “إرهاب” “وعنف متعصبين” عابرة، بل قوة سياسية انقلابية، و مصمّمة، وجريئة، وقادرة… ربما كان من المستحيل على النظام ذاك قهرها!
صيحات غضب! ونظرات حازمة! ووجوه هادئة… وشعارات انتصار… وهذا كلّه ليس من بضاعة “متطرفين” هامشيين وقعوا في قبضة الأمن؛ بل من تعبيرات سيكولوجيا مناضلين سياسيين يشعرون بقوّتهم، ويؤمنون بتفوقهم على السجان، وحتمية انتصارهم عليه!
ان استيلاء الاسلاميين على السلطة في مصر، فيما اعتقد، لن ينهي المأساة المصريّة… فليس لدى الاسلاميين، للأسف، برنامج نهوض وتحدٍ، وإنما برنامج نكوص ودفاع … واكثر ما يستطيعونه هو ترييف مصر اكثر فاكثر، واعادة انتاج التخلف والفقر والحرمان… والخضوع -بقبولٍ شعبي هذه المرّة-لبرنامج صندوق النقد الدوليّ، بما في ذلك تفكك القطاع العام. وهو، ضرب من الكفر!- والغاء الضمانات الاجتماعية، والحريات السياسية النسبيَّة، وتدمير التنظيمات النقابيّة، وفرض اجواء التعصب الريفي على المصريين.. على طريقة الترابي في السودان، بل ربما أسوأ… فما يمتلكه الترابي من حساسية سياسيّة ورؤى لا يوجد نظير له عند الاسلاميين المصريين.
غير ان ما نعتقده، على صحته، شيء؛ والإمكانات الفعليّة للحركة الاسلامية المصرية، بوصفها قوة سياسية تحمل مشروعاً سلطوياً قادماً شيء أخر!
انهم قادمون!
وحتى الولايات المتحدة ليس، عندها، مانع… سوى ان ما يؤجّل قرارها هو العداء الذي يكنّه الاسلاميون “لإسرائيل”.
ومع ذلك، وفى لحظة ما من اشتداد الأزمة المصريّة، قد تكون واشنطن مضطرة للقبول بالبديل الاسلامي، المؤهل، وحده، لإدارة اقتصاد الجوع في مصر.
ويصبح الأمر ممكناً وقريباً، اذا صحّ ان التخطيط الاميركي -الاسرائيلي، للسوق الشرق اوسطية معني، اولا، ببلاد الشام، ويستثني البر المصري.
مرة اخرى: انهم قادمون!