ناهض حتّر
في الكتاب المقدس للرأسمالية الليبرالية المتوحشة، مبادىء اساسية: «دعه يعمل. دعه يمر» و«لا تأخذ منه ضرائب» ولا تعرقله بحقوق العمال او الوطن او المجتمع او البيئة. ففي النهاية، هناك «يد خفية» سوف تحقق مصالح «الجميع» من خلال ضمان مصالح الرأسماليين.
هذه الافكار العقائدية عفا عليها الزمن منذ القرن التاسع عشر، لكن المحافظين الجدد الحاكمين في الولايات المتحدة، يستعيدونها، مثلما يستعيدون ايديولوجية غاربة اخرى، هي الايديولوجية الاستعمارية، متجاهلين التطورات الحاصلة خلال القرنين الماضيين، اجتماعيا وسياسيا وانسانيا. انهم يريدون العودة بالزمن الى الوراء البعيد. وهذا هو السبب الرئيسي في ان المشروع الامريكي الراهن، هو مشروع رجعي مكتوب عليه الفشل والزوال.
لجنة الاصلاح المالي التابعة للجنة الاجندة الوطنية، تستورد افكار المحافظين الجدد، بكل فظاظتها الرجعية، وتؤمن بها عقيدة خالدة.
«اللجنة» تريد التخفيض التدريجي لضريبة الدخل على الشركات والمؤسسات، لتصل، العام ،2008 الى (10) بالمئة فقط لاغير!
وهذا معناه ان الخزينة ستعاني هبوطا حادا في مواردها، سوف تعوضه او تعوض بعضه من خلال فرض المزيد من الضرائب والرسوم على الكادحين والفئات الوسطى، سواء من خلال تصعيد الضريبة العامة على المبيعات- التي يدفعها المستهلكون- و/أو من خلال خصخصة الخدمات العامة كالصحة والتعليم نهائيا، و/أو من خلال الغاء كل اشكال الدعم الاجتماعي والانساني.
المفارقة ان «اللجنة» تريد ان تفرض 20 بالمئة ضريبة دخل على الافراد الذين يتراوح دخلهم بين 8000 دينار و 16000 دينار سنويا اي على كل ابناء الشرائح الوسطى من الطبقة الوسطى الذين يحصلون على رواتب او دخول تدور حول 1500 دينار شهريا. وهو ما يعني ان الاقلية الرأسمالية المتوحشة تعلن فك ارتباطها بالفئات الوسطى، وتريد تحميل الشعب من الفقراء والكادحين والموظفين والمهنيين والتجار المتوسطين، اعباء تمويل الخزينة. نحن، اذن، ننتظر حربا طبقية حامية الوطيس تشنها النخبة الرأسمالية – وقيادتها الكمبرادورية- ضد كل الفئات الاجتماعية الوطنية، خلال السنوات العشر المقبلة، بحيث يصبح الاردن، في نهاية فترة الاجندة، انموذجا للهمجية الاجتماعية: نخبة مؤلفة من بضع مئات يستحوذون على الثروة ولا يلتزمون بشيء نحو الدولة والمجتمع، مقابل اغلبية ساحقة من الجوعى والفقراء والمثقلين بحسابات المعيشة اليومية.
على المستوى الاجتماعي هي جريمة، وعلى المستوى الدستوري هو انقلاب كامل. وعلى المستوى الاقتصادي هو تدمير شامل للاقتصاد الوطني الذي سيفقد قوة الدفع الرئيسية المتمثلة في قوة الشراء المحلية والمدخرات الوطنية. وعلى المستوى الاخلاقي فإن تدمير الطبقة الوسطى، يعني الضياع القيمي والتراثي. واخيرا لا آخرا، على المستوى السياسي انكم تسلّمون البلد للارهابيين!.