ناهض حتّر
انا رجل عمّاني.. بل انني ابن قلب عمّان، من وسط البلد الى جبل اللويبدة الى جبل الحسين الى اطراف الشميساني. هنا ذكرياتي وذاكرتي وملعبي ومواعيدي ومكتباتي وشوارعي وياسميناتي..وتأملاتي العاشقة في البيوت القديمة والحجر المعتق. لا استطيع العيش خارج هذا المربع المشبع بطبقات نفسية كثيفة من المعاني …والمقاهي والافكار والبهجة والحزن.
اجمل الصبوات صبوتُها بين “المنتزه” و”الحاووز” في اللويبدة، وفي الشوارع المتداخلة بين الدوار الاول والثالث في جبل عمان، وفي ميدان فيصل… وشارع السلط..
اجمل الكتب قرأتها في السنترال القديم
اجمل الاقداح شربتها في السلمون الصغير
واعلى الغيمات ركبتها فوق القلعة..
من نافذة في مستشفى لوزميلا، شاهدت الحياة مرة اخرى
وتحت ليمونة في بيت ابي، كتبت وبكيتُ وسُررتُ..
في كنيسة «البشارات» تزوجت، وفيها عمّدتُ ولديّ وفيها ودّعتُ والدي الى السماء!
ومع ذلك، طالما خنتُ عمان… اذ اخفيت عشقي لها، اذ تصنعت، كأبناء المحافظات، كالمنحدرين من المحافظات،… وترفّعي عن الانتساب اليها… وتنكرّي لها في الحب… وفي السياسة.
بطاقتي الانتخابية مسجّلة في السلط… ونشاطي السياسي، ووجداني المنشقّ.. فكأن عمان ليست لي، ليست في مجالي… أو كأنها تقع خارج «التكوين الاردني» الذي انتمي الى رؤاه الوطنية والثقافية…
***
الكلام السابق – وغيره كثير لا يتسع له المكان – يمكن ان يوقع عليه الآلاف من ابناء السلط والكرك ومادبا واربد والطفيلة…،و…و… كل هؤلاء يقضون أعتى الاوقات مع عمان- العشيقة – بينما زوجاتهم الشرعيّات يمكثن في المحافظات!
أفلم يحن – بعد – الوقت لكي نعترف بالحقيقة: لقد صرنا عمانيين! بل نحن عمّان .. وعمّان لنا!
والآن، توجد مناسبة للشروع في حركة الخلاص من انشقاق الوجدان، هي مناسبة الانتخابات البلدية والعامة اذ يمكن تسجيل «الزواج» مع الحبيبة، في البطاقات الانتخابية ..
***
بوضوح .. انا ادعو ابناء المحافظات والمنحدرين منها ممن يقيمون في عمان بصورة دائمة، الى التسجيل في سجلاتها الانتخابية، وفي الدوائر التي فيها يقطنون ويعيشون!! ويمارسون العمل السياسي ..
وفي الانتقال الانتخابي – السياسي الى عمان، اعادة تعريف للمدينة بوصفها عاصمتنا .. وبوصفها مدينتنا .. وكذلك، خروج عن اقفاص السياسة العشائرية ..
المطلوب، بالطبع، التشديد القانوني على ربط السجل الانتخابي بمكان السكن ..لكن المأمول ان يتم التموضع السياسي في عمان بمبادرات النخبة ..
***
انا رجل عمّاني .. وسأنتخب في «الدائرة الثالثة» حيث اسكن واعمل واعيش واشتاق الى الصبوات، واحلم بوطنٍ حرٍ .. وشعب سعيد.