عمون – تبدو الدولة الأردنية اليوم في وضع مهلهل لا ينسجم مع ما تتمتع به من عناصر قوة، ولا يبصر عظم الاستحقاقات الإقليمية والدولية المرتقبة. فالأردن هو التالي على جدول أعمال إسرائيل من جهة، وقطر والإخوان المسلمين والقاعدة من جهة اخرى، هذا التحالف الرباعي المغطى غربيا، ، والمتقاطع، بالنسبة للأردن، في هدف مركزي هو إحداث الفوضى في البلد، بما يسمح لكل طرف بتنفيذ مآربه: الوطن البديل في أجندة إسرائيل، وإسقاط النظام في أجندة قطر، والاستيلاء على السلطة في أجندة الإخوان، والحصول على مقر جديد بالنسبة للقاعدة.
الفوضى والعنف والترانسفير في الطريق إلينا من الشمال (سورية)، ومن الغرب ( الضفة الغربية)، بينما رئيس الوزراء، فايز الطراونة، مشغول بصفقة تعيين هنري عزام مديرا للاستثمار في ‘الضمان الاجتماعي’. الرجل معروف جيدا والصفقة مكشوفة.. فكفى. لا تلعبوا بالنار!
القوى السوداء التي تستهدف الأردن، تبحث عن شرارة لإشعال الفوضى. وحكومة الطراونة تتطوّع لمنحها شرارات عديدة من قانون المطبوعات إلى زيادة الأسعار إلى التعيينات التي تثير الحنق والريبة.
وقف قرار زيادة أسعار المحروقات لا يكفي، ولا بد من إلغاء كل القرارات التي انزلقت إليها حكومة الطراونة فورا. وبصورة خاصة، لا مناص من إعادة الإدارة السابقة للضمان، لإنهاء حالة الشكوك التي تُفسد العملية السياسية والانتخابية برمتها. ومن ثم التركيز على الهدف المرحلي الأساسي: إنجاح عملية التسجيل والذهاب إلى انتخابات ذات صدقية.
خطط رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات، عبد الإله الخطيب، بشأن عملية التسجيل، كانت فعالة حتى صدور القرارات الحكومية الكارثية. الآن، لم يعد هناك فرصة للدولة سوى الحسم؛ حل البرلمان وإقالة الحكومة وتحديد موعد الانتخابات. وذلك، لكي يكون واضحا للجميع وجود إرادة سياسية للحسم الداخلي، يعني: لا تغيير على قانون الانتخاب، ولا تأجيل للانتخابات، والعزم على عقدها من دون الإخوان المسلمين وحلفائهم.
وبذلك، تنتهي حالة الغموض والتشوش والتردد والضبابية واللامبالاة ، وتنشأ بيئة سياسية جديدة لتكوين كتلة وطنية تندرج في العملية السياسية، وتنجحها.
بالنسبة لي، فليست لدي أية أوهام حول دور البرلمان والبرلمانية، لكن التطورات الإقليمية القائمة والقادمة، حوّلت الانتخابات، بحد ذاتها، إلى قضية وطنية، يحقق إنجازها الأهداف التالية:
أولا، تحييد قوى الفوضى، وتجميد مفاعيلها،
ثانيا، تكوين مجلس نواب جديد ذي صدقية، تنبثق عنه حكومة سياسية مستقرة،
ثالثا، تكوين قيادة سياسية للبلد من النوّاب الـ27 المنتخبين في الدائرة الوطنية، إذ سيكون هؤلاء الذين سيختارهم الأردنيون من العقبة إلى عقربة، لا نواب عشيرة أو منطقة أو جهة، بل ممثلين عن الأردن كله، وقادرين على الحديث باسمه في أية تسوية قادمة.
كل يوم إضافي يمر من دون الحسم في هذا الملف، تخسره الدولة ويخسره الأردن، وتربحه قوى الفوضى.
عن علي بن أبي طالب ( ك) قال:
النجاة بالاقتحام ! .
‘العرب اليوم’