ناهض حتّر
اعطى فضيلة المراقب العام للاخوان المسلمين، سالم الفلاحات، مؤخرا، عدة احاديث صحافية مطولة، مما يوحي بأن لدى فضيلته اجابات جديدة على الاسئلة الجديدة، المطروحة موضوعيا على الحركة الاسلامية الاردنية.
ولكن الاجابات ظلت قديمة، وفي المنطقة الرمادية! كأنها توضيحات ملتبسة للالتباسات الحاصلة داخل الحركة الاسلامية، وفي العلاقات المشتابكة المعقدة بينها وبين الحكم وحماس والجمهور.
غير ان الاجابات الرمادية لا تغيّب الاسئلة الواضحة، وهي (1) ماهّية العلاقة مع حماس: أهي علاقة سياسي وتنظيمية.. ام علاقة فكرية؟ ولماذا تكون هناك، بالاساس، علاقة خاصة بين الحركتين؟.
(2) ماهيّة العلاقة مع الحكم: أهي علاقة «مناصحة».. ام علاقة معارضة؟
(3) ماهيّة العلاقة مع الشعب: أهي علاقة تحشيد دعوي واخلاقي وقومي، لحمته النشاطات الاقتصادية والاعمال الخيرية.. ام هي علاقة تحشيد على برنامج للاصلاح الوطني؟
والاجابات على هذه الاسئلة الكبرى، تقرر الاجابات على الاسئلة الفرعية المتعلقة بالاشكالات «اليومية» القائمة، وتسوِّيها.
فإذا اختارتت «الحركة» ان تكون حركة معارضة وطنية – ذات برنامج ديمقراطي تنموي يعّبر عن مصالح الاغلبية الشعبية – فهي ملزمة عندها بالقطيعة السياسية والتنظيمية مع حماس. فالتجذر الوطني هو شرط لشرعية وفاعلية المعارضة. كذلك، فهي لن تعود بحاجة الى الاذرع الاقتصادية والخيرية الخاصة، طالما انها تستهدف الحصول على السلطة التنفيذية، واستخدام الاذرع الحكومية في تطبيق برامجها الاجتماعية.
نحن نعرف، بالطبع ان خطباء المساجد والشبكات الاقتصادية والمالية والخيرية، هي ادوات تحشيد جماهيري، ولكن التحشيد للصراع السياسي الدستوري هو تحشيد سياسي وراء برنامج اصلاحي، ويتطلب ذلك بالطبع، موارد مالية تحصل عليها الحركة من تبرعات انصارها، وتستخدمها – شرعيا في عملها التنظيمي والدعائي ولكن ليس في المشاريع الاقتصادية والاعمال الخيرية، لتشغيل الانصار او جلبهم او تأمين تأييدهم. فهذا النشاط يعادل -فعليا- شراء الاصوات.
وتستطيع الحركة ان تحتفظ بوضعها المالي كاملا اذا اعتبرت انها حركة مناصحة للدولة وللمجتمع، وحركة ثقافية، وحركة خيرية، وحركة اسلامية تناصر قضايا الامة كمحور لنشاطها، وفي هذه الحالة، تكون الحركة ملزمة -لكي تتسق مع نفسها- بحل حزبها السياسي، وعدم ترشيح اعضائها للبرلمان..
واخيرا، فانه من حق الحركة ان تعلن -بوضوح فكري وسياسي ونضالي- انها ترفض قرار فك الارتباط لعام ،1988 وتؤكد، بالتالي، على حقها في العلاقات التنظيمية والسياسية مع (حماس) اذا كانت الاخيرة مستعدة للالتزام بكونها جزءا من «المملكة».. وهو ما يتطلب انسحابها من هيئات السلطة الفلسطينية.
هذه «الجولة الفكرية» مع الحركة الاسلامية الاردنية، لا تدخل في باب التأملات، بل في باب الضرورات المتعلقة بدور الحركة في المرحلة السياسية المقبلة. وهو دور غير ممكن من دون ازالة الالتباسات القائمة.. علما بان هذه الالتباسات هي المداخل التي تمكّن اعداء الاسلاميين من حشرهم في الزوايا الضيقة.
والخيارات المفتوحة امام «الحركة» لها تعبيرات واصداء داخلها، بل ان «الحركة» تجمع في صفوفها، تيارات متضادة الى درجة ان الحرص على وحدتها يساوي الشلل.. والتموضع في المنطقة الرمادية.