ناهض حتّر
في مرحلة أولى، يتركز الانتقال إلى المدرسة الاجتماعية -كما أسلفنا -في نقطتين جوهريتين هما 1-إعادة هيكلة النظام الضريبي لتحقيق العدالة الاجتماعية وتدوير الثروة بين الأغنياء والفقراء 2-توحيد وتحديث شبكة الامان الاجتماعي.
وقد أسهبنا، في مناقشة هاتين النقطتين، واظهار ضرورة تكاملها مع نقاط أخرى ومنها إحداث تغييرات في بنى قطاع النقل والمواصلات وتطوير وتعميم التأمينات الصحية ومجانية التعليم -بما في ذلك الجامعي للمتفوقين الفقراء ودراسة وتعيين حد أدنى للأجور ملائم للحفز على العمل، وربط الأجور بالأسعار، واعادة النظر في استراتيجية الخصخصة، ومعالجة المديونية العامة… الخ. وأرجو من القارئ المهتم أن يتكرم مشكوراً بالعودة الى سلسلة المقالات التي كتبتها تحت عنوان «الذهاب الى المدرسة الاجتماعية» لكي يتفهم وجهة النظر القائلة بأن المدرسة الاجتماعية لا تقوم على اجراءات انتقائية بل متكاملة ومتضافرة لها استراتيجية تنموية اجتماعية واضحة.
واختتم بالقول ان الإشارة التي أطلقها الملك، تلزم الحكومة بالتفكير والعمل والحوار والتوصل الى رؤية، كما انها تفتح الباب أمام كل منتسبي المدرسة الاجتماعية من اليساريين والاسلاميين والقوميين، الى الدخول على الخط، وتكوين جبهة فكرية، سياسية تدعم حكومة تتجه الى المدرسة الاجتماعية.
منذ 1999 وحتى الان، اخذ الليبراليون الجدد، أنصار البزنس والخصخصة وتداخل النفوذ والمال للأقلية على حساب الأكثرية، أخذ هؤلاء فرصتهم الكاملة في صنع القرار الاقتصادي، الاجتماعي، وقد أوصلونا الى أزمة طاحنة، وفشل ذريع، واتساع نطاق الفقر والبطالة، وهبوط المستوى المعيشي للأغلبية وقد حدث ذلك، بينما يواجه الأردن -ضعيفاً من الداخل -عواصف إقليمية ودولية لا يمكن التصدي لها من دون وحدة وطنية لا تتم بالأناشيد ولكن بالتسويات الاجتماعية والحفاظ على مصالح الفئات الاجتماعية الوطنية.
والآن، مع الانتقال المأمول إلى المدرسة الاجتماعية -وهو الخيار الوحيد لتلافي الأزمة ولو جزئيات فانه على الليبراليين الجدد داخل حكومة البخيت وفي قيادة المؤسسات العامة، في الساحة ان يغادروها!! اذ لا يمكن تنفيذ برامج المدرسة الاجتماعية -الوطنية بأدوات ورجال ونساء الليبرالية الجديدة… والبزنس!
لكل مدرسة رجالها… الليبرالية الاقتصادية يصنعها الليبراليون وقد أخذوا فرصتهم -وليس مقبولاً أن يتصدروا ايفاد المرحلة الاجتماعية -الوطنية.
البرامج الاجتماعية الوطنية يصنعها ابناء المدرسة الاجتماعية. وهم معروفون وقد خاضوا، طوال السنوات الست السابقة، معارك فكرية وسياسية طاحنة للإنذار المبكر بالأزمة المقبلة.
والجدية السياسية تقتضي الآن تحرير الحكومة من وزراء ومدراء ونفوذ الليبراليين الجدد، واستقدام أنصار المدرسة الاجتماعية الى مواقع القرار.